الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان ***
الصَّيْدُ مُبَاحٌ إلَّا لِلتَّلَهِّي أَوْ حِرْفَةٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَعَلَى هَذَا فَاِتِّخَاذُهُ حِرْفَةً كَصَيَّادِي السَّمَكِ حَرَامٌ. وَأَسْبَابُ الْمِلْكِ ثَلَاثَةٌ مُثْبِتٌ لِلْمِلْكِ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمُبَاحِ. وَنَاقِلٌ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَخِلَافُهُ كَمِلْكِ الْوَارِثِ، فَالْأَوَّلُ شَرْطُهُ خُلُوُّ الْمَحَلِّ عَنْ الْمِلْكِ، فَلَوْ اسْتَوْلَى عَلَى حَطَبٍ جَمَعَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْمَفَازَةِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُقْلِشِ مَا يَجِدُهُ بِلَا تَعْرِيفٍ وَلَوْ أَرْسَلَ إنْسَانٌ مِلْكَهُ وَقَالَ مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ لَا يُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ، فَلِصَاحِبِهِ أَخْذُهُ بَعْدَهُ حَتَّى قُشُورِ الرُّمَّانِ الْمُلْقَاةِ فِي الطَّرِيقِ. لَكِنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ يَمْلِكُ قُشُورَ الرُّمَّانِ وَلَوْ أَلْقَى بَهِيمَةً مَيِّتَةً فَجَاءَ رَجُلٌ وَسَلَخَهَا وَأَخَذَ جِلْدَهَا فَلِمَالِكِهَا أَخْذُهُ، فَلَوْ دَبَغَهُ رَدَّ لَهُ مَا زَادَ الدِّبَاغُ إنْ كَانَ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ. وَالِاسْتِيلَاءُ قِسْمَانِ؛ حَقِيقِيٌّ وَحُكْمِيٌّ، فَالْأَوَّلُ بِوَضْعِ الْيَدِ، وَالثَّانِي بِالتَّهْيِئَةِ؛ فَإِذَا نَصَبَ الشَّبَكَةَ لِلصَّيْدِ مَلَكَ مَا تَعَقَّلَ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَصَبَهَا لِلْجَفَافِ وَإِذَا نَصَبَ الْفُسْطَاطَ فَتَعَقَّلَ الصَّيْدَ بِهِ مَلَكَهُ، وَلَوْ نَصَبَهَا لَهُ فَتَعَقَّلَ بِهَا فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ؛ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ أَخَذَهُ مَلَكَهُ فَيَأْخُذُهُ مِنْ الثَّانِي وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا لِصَيْدِ الذِّئَابِ وَغَابَ فَقَدَّمَ آخَرُ مَيْتَةً لِصَيْدِهَا فَوَقَعَ الذِّئْبُ فِي الْبِئْرِ فَهُوَ لِحَافِرِهِ وَمَا تَعَسَّلَ فِي أَرْضِهِ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُهَيِّئْهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ إنْزَالِهَا. بِخِلَافِ النَّحْلِ وَالظَّبْيِ إذَا تَكَنَّسَ أَوْ بَاضَ الصَّيْدُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِهَا إلَّا بِالتَّهْيِئَةِ مَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ لَأَخَذَهُ. وَلَوْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ مِنْ النِّثَارِ شَيْءٌ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ لِلْآخِذِ إلَّا أَنْ يُهَيِّئَ حِجْرَهُ لَهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَشَرْطُهُ وُجُودُ الْمِلْكِ فِي الْمَحَلِّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ضَرْبَةِ الْقَانِصِ وَالْغَائِصِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ. لَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْجَبْرِيِّ إنْ كَانَ أَبُوهُ سُنِّيًّا، وَإِنْ كَانَ جَبْرِيًّا حَلَّتْ. سَمَكَةٌ فِي سَمَكَةٍ فَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً حَلَّتَا وَإِلَّا لَا؛ لِأَنَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ، وَإِنْ وَجَدَ فِيهَا دُرَّةً مَلَكَهَا حَلَالًا، وَإِنْ وَجَدَ خَاتَمًا أَوْ دِينَارًا مَضْرُوبًا لَا، وَهُوَ لُقَطَةٌ، لَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا عَلَى نَفْسِهِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا، وَكَذَا إذَا كَانَ غَنِيًّا عِنْدَنَا. أُرْسِلَتْ السَّمَكَةُ فِي الْمَاءِ النَّجَسِ فَكَبِرَتْ فِيهِ، لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا لِلْحَالِّ، وَيَحِلُّ أَكْلُهَا إذَا كَانَتْ مَجْرُوحَةً طَافِيَةً. اشْتَرَى سَمَكَةً مَشْدُودَةً بِالشَّبَكَةِ فِي الْمَاءِ وَقَبَضَهَا كَذَلِكَ فَجَاءَتْ سَمَكَةٌ فَابْتَلَعَتْهَا، فَالْمُبْتَلِعَةُ لِلْبَائِعِ وَالْمَشْدُودَةُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَتْ الْمُبْتَلِعَةُ هِيَ الْمَشْدُودَةَ، فَهُمَا لِلْمُشْتَرِي قَبَضَهَا أَوْ لَا. ذَبَحَ لِقُدُومِ الْأَمِيرِ أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْ الْعُظَمَاءِ، يَحْرُمُ وَلَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى، وَلِلضَّيْفِ لَا. النَّثْرُ عَلَى الْأَمِيرِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا الْتِقَاطُهُ وَفِي الْعُرْسِ جَائِزٌ.الْعُضْو الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيِّتِهِ إلَّا مِنْ مَذْبُوحٍ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ مِنْ الْمَأْكُولِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي.
لَيْسَ زَمَانُنَا زَمَانَ اجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ كَمَا فِيهِ مِنْ الْخَانِيَّةِ وَالتَّجْنِيسِ. الْغِشُّ حَرَامٌ فَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الزُّيُوفِ لِدَائِنٍ وَلَا بَيْعُ الْعُرُوضِ الْمَغْشُوشَةِ بِلَا بَيَانٍ إلَّا فِي شِرَاءِ الْأَسِيرِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ. وَالثَّانِيَةُ فِي إعْطَاءِ الْجُعْلِ. يَجُوزُ لَهُ إعْطَاءُ الزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ وَهُمَا فِي وَاقِعَاتِ الْحُسَامِيِّ مِنْ شِرَاءِ الْأَسِيرِ الْفَتْوَى فِي حَقِّ الْجَاهِلِ بِمَنْزِلَةِ الِاجْتِهَادِ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ كَذَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ. الْحُرْمَةُ تَتَعَدَّى فِي الْأَمْوَالِ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا، إلَّا فِي حَقِّ الْوَارِثِ فَإِنَّ مَالَ مُورَثِهِ حَلَالٌ لَهُ وَإِنْ عَلِمَ بِحُرْمَتِهِ مِنْهُ، مِنْ الْخَانِيَّةِ، وَقَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِأَنْ لَا يَعْلَمَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِمَنْ قَبَّلَ يَدَ غَيْرِهِ فَسَقَ إلَّا إذَا كَانَ ذَا عِلْمٍ وَشَرَفٍ، كَذَا فِي مُكَفِّرَاتِ الظَّهِيرِيَّةِ. وَيَدْخُلُ السُّلْطَانُ الْعَادِلُ وَالْأَمِيرُ تَحْتَ ذِي الشَّرَفِ. يُكْرَهُ مُعَاشَرَةُ مَنْ لَا يُصَلِّي وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ، إلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ لَا يُصَلِّي لَمْ يُكْرَهْ لِلْمَرْأَةِ مُعَاشَرَتُهُ. كَذَا فِي نَفَقَاتِ الظَّهِيرِيَّةِ الْخُلْفُ فِي الْوَعْدِ حَرَامٌ كَذَا فِي أُضْحِيَّةِ الذَّخِيرَةِ وَفِي الْقُنْيَةِ. وَعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فَلَمْ يَأْتِهِ لَا يَأْثَمُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَعْدُ إلَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا كَمَا فِي كَفَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِي بَيْعِ الْوَفَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. اسْتِخْدَامُ الْيَتِيمِ بِلَا أُجْرَةٍ حَرَامٌ، وَلَوْ لِأَخِيهِ وَمُعَلِّمِهِ إلَّا لِأُمِّهِ، وَفِيمَا إذَا أَرْسَلَهُ الْمُعَلِّمُ لِإِحْضَارِ شَرِيكِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِلُبْسُ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ حَرَامٌ عَلَى الرَّجُلِ، إلَّا لِدَفْعِ قَمْلٍ أَوْ حَكَّةٍ كَمَا فِي الْحَدَّادِيِّ مِنْ غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَا يَجُوزُ الْخَالِصُ فِي الْحَرْبِ عِنْدَهُمَا حُرِّمَ عَلَى الْبَالِغِ فِعْلُهُ حُرِّمَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْقِيَهُ خَمْرًا، وَلَا أَنْ يُلْبِسَهُ حَرِيرًا، وَلَا أَنْ يُخَضِّبَ يَدَهُ بِحِنَّاءٍ أَوْ رِجْلَهُ وَلَا إجْلَاسَ الصَّغِيرِ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا. الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ إلَّا لِمُلَازِمَةِ مَدْيُونَةٍ هَرَبَتْ وَدَخَلَتْ خَرِبَةً، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ، وَفِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ فِي الْبَيْتِ. الْخَلْوَةُ بِالْمَحْرَمِ مُبَاحَةٌ إلَّا لِأُخْتٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَالصِّهْرَةِ الشَّابَّةِ. مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أُبِيحَ لَعْنُهُ إلَّا وَالِدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِثُبُوتِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَاهُمَا لَهُ حَتَّى آمَنَا بِهِ. كَذَا فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ. اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ أَثَوْبُ مِنْ قِرَاءَتِهِ، كَذَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ.
مَا قَبِلَ الْبَيْعَ قَبِلَ الرَّهْنَ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ: بَيْعُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ. بَيْعُ الْمَشْغُولِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ. بَيْعُ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ. بَيْعُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِشَرْطٍ قَبْلَ وُجُودِهِ فِي غَيْرِ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ لَا يَجُوزُ رَهْنُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ، فَإِذَا أَجَّرَهُ الْمُرْتَهِنُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْأَجْرُ. أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْإِجَارَةِ فَأَجَّرَهُ خَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ وَلَا يَعُودُالْآجِرُ، إذَا رَهَنَ الْعَيْنَ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى دَيْنٍ لَهُ صَحَّ وَانْفَسَخَتْ. أَبَاحَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَكْلَ الثِّمَارِ فَأَكَلَهَا لَمْ يَضْمَنْ، بَاعَ الرَّاهِنُ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ انْفَسَخَ الْأَوَّلُ، يُكْرَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي السُّكْنَى فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالْأُجْرَةِ. رَهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ مَوْعُودٍ فَدَفَعَ لَهُ الْبَعْضَ وَامْتَنَعَ لَأُجْبِرَ. لَا يَبِيعُ الْقَاضِي الرَّهْنَ بِغَيْبَةِ الرَّاهِنِ الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ الْمِقْدَارُ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ فِي الْأَصَحِّالْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ الْوَارِثُ إذَا عَرَفَ الرَّهْنَ لَا الرَّاهِنَ لَا يَكُونُ لُقَطَةً بَلْ يَحْفَظُهُ إلَى ظُهُورِ الْمَالِكِ. الْقَوْلُ لِمُنْكِرِهِ مَعَ الْيَمِينِ وَفِي تَعْيِينِ الرَّهْنِ وَفِي مِقْدَارِ مَا رَهَنَ بِهِ. اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِيمَا بَاعَ بِهِ الْعَدْلُ الرَّهْنَ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ صَدَّقَ الْعَدْلُ الرَّاهِنَ كَمَا لَوْ اُخْتُلِفَ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ، وَلَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْعَدْلِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ وَلَوْ كَانَ رَهْنًا يُمَثِّلُ الدَّيْنَ فَبَاعَهُ الْعَدْلُ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتُهُ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ، فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَا الْعَدْلِمَا جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِهِ جَازَ الرَّهْنُ بِهِ إلَّا فِي دَرْكِ الْمَبِيعِ، تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِهِ دُونَ الرَّهْنِ، وَيَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِمَا هُوَ عَلَى الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ، وَفِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ يَجُوزُ أَخْذُ الْكَفِيلِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ دُونَ الرَّهْنِ، ذَكَرَهُمَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ.
الْعَاقِلَةُ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ صَالَحَ فَإِنَّ نَصِيبَ الْبَاقِينَ يَنْقَلِبُ مَالًا وَيَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ صُلْحُ الْأَوْلِيَاءِ وَعَفْوُهُمْ عَنْ الْقَاتِلِ يُسْقِطُ حَقَّهُمْ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ لَا حَقَّ الْمَقْتُولِ، كَذَا فِي الْمُنْيَةِ. الْوَاجِبُ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ بِهِ فَلَا ضَمَانَ. لَوْ سَرَى قَطْعُ الْقَاضِي إلَى النَّفْسِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْمُعَزَّرُ، وَكَذَا إذَا سَرَى الْقَصْدُ إلَى النَّفْسِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْمُعْتَادَ لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ قَطَعَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ يَدَ قَاطِعِهِ فَسَرَتْ ضَمِنَ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَيَتَقَيَّدُ، وَضَمِنَ لَوْ عَزَّرَ زَوْجَتَهُ فَمَاتَتْ. وَمِنْهُ الْمُرُورُ فِي الطَّرِيقِ مُقَيَّدٌ بِهَا، وَمِنْهُ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ، أَوْ الْإِمَامِ أَوْ الْوَصِيِّ تَأْدِيبًا، وَمِنْ الْأَوَّلِ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ أَوْ الْإِمَامِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْمُعَلِّمِ بِإِذْنِ الْأَبِ تَعْلِيمًا فَمَاتَ لَا ضَمَانَ، فَضَرْبُ التَّأْدِيبِ مُقَيَّدٌ لِكَوْنِهِ مُبَاحًا وَضَرْبُ التَّعْلِيمِ لَا لِكَوْنِهِ وَاجِبًا، وَمَحَلُّهُ فِي الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ؛ أَمَّا غَيْرُهُ فَمُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي الْكُلِّ. وَخَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ الثَّانِي، مَا إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَأَفْضَاهَا وَمَاتَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مُبَاحًا لِكَوْنِ الْوَطْءِ أَخَذَ مُوجِبَهُ، وَهُوَ الْمَهْرُ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ آخَرُ. وَتَمَامُهُ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ. الْجِنَايَتَانِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَهَا لَا تَتَدَاخَلَانِ إلَّا إذَا كَانَا خَطَأً وَلَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا بُرْءٌ فَتَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.الْقِصَاصُ يَجِبُ لِلْمَيِّتِ ابْتِدَاءً ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ، فَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ وَلَهُ ابْنَانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْعَافِي عِنْدَ الْإِمَامِ.وَصَحَّ عَفْوُ الْمَجْرُوحِ وَتُقْضَى دُيُونُهُ مِنْهُ. لَوْ انْقَلَبَ مَالًا وَهُوَ مَوْرُوثٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَرِثُهُ الزَّوْجَانِ كَالْأَمْوَالِ. الِاعْتِبَارُ فِي ضَمَانِ النَّفْسِ بِعَدَدِ الْجُنَاةِ لَا لِعَدَدِ الْجِنَايَاتِ. وَعَلَيْهِ فَرَّعَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْإِجَارَةِ. لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ فَضَرَبَهُ أَحَدَ عَشَرَ فَمَاتَ، رُفِعَ عَنْهُ مَا نَقَصَتْهُ الْعَشَرَةُ وَضَمِنَ مَا نَقَصَهُ الْأَخِيرُ، فَيَضْمَنُهُ مَضْرُوبًا بِعَشَرَةِ أَسْوَاطٍ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ. دِيَةُ الْقَتْلِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ كَانَ الْقَتْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ. الْإِسْلَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يُوجِبُ عِصْمَةَ الدَّمِ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ هِبَةُ الْقِصَاصِ لِغَيْرِ الْقَاتِلِ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ التَّمْلِيكُ كَمَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. لَا تَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ دِيَةُ الْمُكْرِهِ عَلَى الْقَتْلِ، إذَا قَتَلَهُ الْآخَرُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ التَّعَرُّضُ عَلَى مَنْ شَرَعَ جُنَاحًا فِي الطَّرِيقِ وَلَا يَأْثَمُونَ بِالسُّكُوتِ عَنْهُ. يَضْمَنُ الْمُبَاشِرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ الْحَدَّادُ إذَا طَرَقَ الْحَدِيدَةَ فَفَقَأَ عَيْنًا وَالْقَصَّارُ إذَا دَقَّ فِي حَانُوتِهِ فَانْهَدَمَ حَانُوتُ جَارِهِ. لَا اعْتِبَارَ بِرِضَاءِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِالسِّكَّةِ النَّافِذَةِ. حَفَرَ بِئْرًا فِي بَرِّيَّةٍ فِي غَيْرِ مَمَرِّ النَّاسِ لَمْ يَضْمَنْ مَا وَقَعَ فِيهَا قَطَعَ الْحَجَّامُ لَحْمًا مِنْ عَيْنِهِ، وَكَانَ غَيْرَ حَاذِقٍ فَعَمِيَتْ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَمَذْهَبُ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ الْإِمَامَ شَرْطٌ لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ كَالْحُدُودِ. وَمَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ الْفَرْقُ، الْقِصَاصُ كَالْحُدُودِ. إلَّا فِي خَمْسٍ ذَكَرْنَاهَا فِي قَاعِدَةِ أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ عَفْوُ الْوَلِيِّ عَنْ الْقَاتِلِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِصَاصِ، وَكَذَا عَفْوُ الْمَجْرُوحِ. وَعَفْوُ الْوَلِيِّ يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْقَاتِلِ فِي الدُّنْيَا، وَلَا يَبْرَأُ عَنْ قَتْلِهِ كَالْوَارِثِ إذَا أَبْرَأَ الْمَدْيُونَ بَرَأَ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ ظُلْمِ الْمُوَرِّثِ وَمَطْلِهِ. إذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي حَقِّ فُلَانٍ وَلَا بَيِّنَةُ الْوَارِثِ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ قَتَلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ، فَبَرْهَنَ ابْنُهُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ جَرَحَهُ تُقْبَلُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ. يَصِحُّ عَفْوُ الْمَجْرُوحِ وَالْوَارِثِ قَبْلَ مَوْتِهِ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ لَهُمَا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. الْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَلَا تَثْبُتُ مَعَهَا إلَّا فِي التَّرْجَمَةِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْحُدُودِ مَعَ أَنَّ فِيهَا شُبْهَةً كَمَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ.
لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْيَتِيمِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَمَنَعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَيْضًا إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ: إذَا بِيعَ بِضِعْفِ قِيمَتِهِ، وَفِيمَا إذَا احْتَاجَ الْيَتِيمُ إلَى النَّفَقَةِ، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، وَفِيمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْهُ. وَزِدْت أَرْبَعًا فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى سَبْعًا؛ ثَلَاثٌ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ: فِيمَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ لَا نَفَاذَ لَهَا إلَّا مِنْهُ، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ غَلَّاتُهُ لَا تَزِيدُ عَلَى مُؤْنَتِهِ، وَفِيمَا إذَا كَانَ حَانُوتًا أَوْ دَارًا يُخْشَى عَلَيْهِ النُّقْصَانُ. (انْتَهَى). وَالرَّابِعَةُ مِنْ بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ؛ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ فِي يَدِ مُتَغَلِّبٍ وَخَافَ الْوَصِيُّ عَلَيْهِ فَلَهُ بَيْعُهُ. (انْتَهَى). وَفِي الْمَجْمَعِ: وَيَضُمُّ الْقَاضِي إلَى الْعَاجِزِ مَنْ يُعِينُهُ، فَإِنْ شَكَا إلَيْهِ ذَلِكَ لَا يُجِيبُهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ عَجْزُهُ اسْتَبْدَلَ بِهِ وَإِنْ شَكَا مِنْهُ الْوَرَثَةُ لَا يَعْزِلُهُ حَتَّى تَظْهَرَ لَهُ خِيَانَةٌ. (انْتَهَى). وَفِيهِ: وَبَيْعُ الْوَصِيِّ مِنْ الْيَتِيمِ أَوْ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلصَّبِيِّ جَائِزٌ. (انْتَهَى). وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ النَّفْعِ فَقِيلَ نُقْصَانُ النِّصْفِ فِي الْبَيْعِ وَفِي الشِّرَاءِ بِزِيَادَةِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَقِيلَ: دِرْهَمَانِ فِي الْعَشَرَةِ نُقْصَانٌ وَزِيَادَةٌ. وَتَمَامُهُ فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَقِسْمَةُ الْوَصِيِّ، مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ، تَجُوزُ إنْ كَانَ فِيهَا نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُنْيَةِ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: قَضَى وَصِيُّهُ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَلَمَّا كَبِرَ الْيَتِيمُ أَنْكَرَ دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ ضَمِنَ وَصِيُّهُ مَا دَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً. إذَا أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ، وَهُوَ الدَّفْعُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ يَغْرَمُ لَهُ حِصَّتَهُ لِدَفْعِهِ بِاخْتِيَارِهِ بَعْضَ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ كُلَّ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَصِيٌّ أَدَّى دَيْنًا فَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْلَا بَيِّنَةٌ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ. (انْتَهَى) فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهُ الْيَتِيمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ لَا، إلَّا فِي مَهْرِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا دَفَعَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى قَوْلٍ بِالْمُؤَجَّلِ عُرْفًا وَفِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ: وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي مِنْ وَصِيِّ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِثَمَنٍ لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ بِهِ. وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَصِيِّ الَّذِي نَصَّبَهُ عَنْ الْمَيِّتِ جَازَ. (انْتَهَى). وَفِي الْمُلْتَقَطِ: أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمُوصَى فِي حَيَاتِهِ، وَهُوَ مُعْتَقَلُ اللِّسَانِ يَضْمَنُ، وَلَوْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ بَعْدَ بُلُوغِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ كَانَ بَاعَ عَبْدَهُ وَأَنْفَقَ ثَمَنَهُ صُدِّقَ إنْ كَانَ هَالِكًا وَإِلَّا لَا، كَذَا فِي دَعْوَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ، فِي وَاحِدَةٍ اتِّفَاقًا وَهِيَ فِيمَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَةَ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ عَلَى الْيَتِيمِ فَادَّعَى الْوَصِيُّ الدَّفْعَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حَوَائِجِ الْيَتِيمِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ حَوَائِجِهِ. (انْتَهَى). فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حَوَائِجِهِ. وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَبُولُ قَوْلِ النَّاظِرِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ، وَفِي اثْنَتَيْنِ اخْتِلَافٌ. لَوْ قَالَ: أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِهِ، أَوْ جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا بَيَانَ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: عَلَيْهِ الْبَيَانُ، كَمَا فِي الْمَجْمَعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ. الثَّانِيَةُ: ادَّعَى أَنَّ الْيَتِيمَ اسْتَهْلَكَ مَالَ آخَرَ فَدَفَعَ ضَمَانَهُ. الثَّالِثَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ مِنْ غَيْرِ إجَارَةٍ. الرَّابِعَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى خَرَاجَ أَرْضِهِ فِي وَقْتٍ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ. الْخَامِسَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى مَحْرَمِ الْيَتِيمِ. السَّادِسَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لِلْيَتِيمِ فِي الْإِجَارَةِ، وَأَنَّهُ رَكِبَتْهُ دُيُونٌ فَقَضَاهَا عَنْهُ. السَّابِعَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَالَ غَيْبَةِ مَالِهِ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ. الثَّامِنَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى رَقِيقِهِ الَّذِينَ مَاتُوا. التَّاسِعَةُ: اتَّجَرَ وَرَبِحَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُضَارِبًا. الْعَاشِرَةُ: ادَّعَى فِدَاءَ عَبْدِهِ الْجَانِي. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهَا. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَ الْيَتِيمَ امْرَأَةً وَدَفَعَ مَهْرَهَا مِنْ مَالِهِ وَهِيَ مَيِّتَةٌ. الْكُلُّ فِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ مِنْ الْوَصَايَا، وَذَكَرَ ضَابِطًاوَهُوَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا فَلَاوَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لَهُمَا، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ، وَهُوَ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ الْوَصَايَا. الثَّانِيَةُ: إذَا خَصَّهُ الْقَاضِي تَخَصَّصَ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ. الثَّالِثَةُ: إذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ، وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ اسْتِوَاءَهُمَا فِي رِوَايَةٍ فِي الْأُولَى. الرَّابِعَةُ: لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يُؤَاجِرَ الصَّغِيرَ بِخِيَاطَةِ الذَّهَبِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْقَاضِي كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْخَامِسَةُ: لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ الْعَدْلَ الْكَافِيَ، وَلَهُ عَزْلُ وَصِيِّ الْقَاضِي كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. خِلَافًا لِمَا فِي الْيَتِيمَةِ. السَّادِسَةُ: لَا يَمْلِكُ وَصِيُّ الْقَاضِي الْقَبْضَ إلَّا بِإِذْنٍ مُبْتَدَأٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِيصَاءِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ. السَّابِعَةُ: يُعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَا يُعْمَلُ نَهْيُ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَبُولِ التَّخْصِيصِ وَعَدَمِهِ. الثَّامِنَةُ: وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا جَعَلَ وَصِيًّا عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ. وَفِي الْخِزَانَةِ: وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَامَّةً. (انْتَهَى). وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ إلَّا فِي تَبَرُّعِهِ بِالْمَنَافِعِ فَإِنَّهُ نَافِذٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَذَا فِي وَصَايَا الْفَتَاوَى الصُّغْرَى، وَظَاهِرُ مَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ مِنْ الْوَصَايَا يُخَالِفُهُ. وَصَوَّرَهَا الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ بِأَنَّ الْمَرِيضَ أَعَارَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ. وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ: أَنَّهُ إذَا أَجَّرَ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الْجَمِيعِ. وَقَالَ الطَّرَسُوسِيُّ: إنَّهَا خَالَفَتْ الْقَوَاعِدَ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ الْإِعَارَةَ وَالْإِجَارَةَ تَبْطُلَانِ بِمَوْتِهِ فَلَا إضْرَارَ عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلِانْفِسَاخِ. وَفِي حَيَاتِهِ لَا مِلْكَ لَهُمْ فَافْهَمْ إذَا أُبْرِئَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَمْ يَجِبْ بِعَقْدِهِ لَمْ يَصِحَّ. وَإِلَّا صَحَّ وَضَمِنَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ؛ لَوْ كَاتَبَ الْوَصِيُّ عَبْدَ الْيَتِيمِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ الْبَدَلِ لَمْ يَصِحَّ.كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ كَالْوَصِيِّ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الْإِشَارَةُ مِنْ النَّاطِقِ بَاطِلَةٌ فِي وَصِيَّةٍ وَغَيْرِهَا إلَّا فِي الْإِفْتَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ كَذَا فِي التَّلْقِيحِ. وَاخْتَلَفُوا فِي وَصِيَّةِ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ، وَالْفَتْوَى عَلَى صِحَّتِهَا إنْ دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى الْمَوْتِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ لَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُ الْوَصِيِّ الْعَدْلِ الْكَافِي فَإِنْ عَزَلَهُ كَانَ جَائِرًا آثِمًا، كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ عَزْلِهِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ، لَكِنْ يَجِبُ الْإِفْتَاءُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَأَمَّا عَزْلُ الْخَائِنِ فَوَاجِبٌ. وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَيُضَمُّ إلَيْهِ آخَرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَالْعَدْلُ الْكَافِي لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ وَالْحِيلَةُ فِيهِ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَجْعَلَهُ الْمَيِّتُ وَصِيًّا عَلَى أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مَتَى شَاءَ. الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَيَتَّهِمَهُ الْقَاضِي فَيُخْرِجَهُ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ لَا يُخْرِجُهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُخْرِجُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. الْمُعْتَقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَالْمُكَاتَبِ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ، فَلَوْ عَتَقَ عَبْدُهُ فِيهِ فَقَتَلَ مَوْلَاهُ خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتَانِ يَسْعَى فِيهِمَا، وَاحِدَةٌ لِلْإِعْتَاقِ فِيهِ لِكَوْنِهِ وَصِيَّةً وَلَا وَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ، وَأُخْرَى، وَهِيَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دِيَةِ الْمَقْتُولِ لِجِنَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ إذَا جَنَى خَطَأً، وَلَوْ شَهِدَ فِي زَمَنِ السِّعَايَةِ لَمْ تُقْبَلْ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الصُّغْرَى. وَالْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهُ كَالْمُعْتَقِ فِي زَمَنِ الْمَرَضِ، فَلَوْ قُتِلَ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ خَطَأً كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ، وَعِنْدَهُمَا الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَهِيَ مِنْ جِنَايَاتِ الْمَجْمَعِ. وَصُرِّحَ أَيْضًا فِي الْكَافِي قُبَيْلَ الْقَسَامَةِ بِأَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي زَمَنِ سِعَايَةٍ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ، وَحُرٌّ مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا، وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ مُدَبَّرًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، فَقَتَلَ هَذَا الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ، عِنْدَهُ كَالْمُكَاتَبِ، وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الدِّيَةُ. (انْتَهَى). وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لِلْمُدَبَّرَةِ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا زَمَنَ سِعَايَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تُزَوِّجُ نَفِسَهَا. وَعِنْدَهُمَا لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِهِ. الْقَاضِي لَا يَعْزِلُ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ، فِيمَا إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ، أَوْ تَصَرَّفَ فِي مَا لَا يَجُوزُ عَالِمًا مُخْتَارًا. أَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ، وَلَكِنْ فِي هَذِهِ يَقُولُ لَهُ: إمَّا أَنْ تُبْرِئَ الْمَيِّتَ أَوْ عَزَلْتُك وَلَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا غَيْرَهُ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا إذَا غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً أَوْ أَقَرَّ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ. لَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ شَيْءٍ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ فَلَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَهُنَاكَ وَصِيٌّ لَمْ يَجُزْ، وَيَأْخُذُ الْوَصِيُّ الثُّلُثَ مَرَّةً أُخْرَى وَيَتَصَدَّقُ بِهِ. كَمَا فِي الْقُنْيَةِ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ سَوَاءٌ كَانَ وَصِيُّ الْقَاضِي أَوْ الْمَيِّتِ فِيهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. الْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَمْ يَضْمَنْ مِنْهَا أَيْضًا. لِلْوَصِيِّ إطْلَاقُ غَرِيمِ الْيَتِيمِ مِنْ الْحَبْسِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا إنْ كَانَ مُوسِرًا لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيَّةٍ، وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَهُ كَمَا فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ. لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى وَلِيمَةِ خِتَانِ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا لَا سَرَفَ فِيهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ إذْنَ الْقَاضِي، وَقِيلَ: يَضْمَنُ مُطْلَقًا. كَذَا فِي غَصْبِ الْيَتِيمَةِ. الْقَاضِي إذَا أَقَامَ قَيِّمًا لِعَجْزِ الْوَصِيِّ لَا يَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ، وَإِنْ أَقَامَهُ مَقَامَ الْأَوَّلِ انْعَزَلَ. كَذَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ، إذَا مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ أَقَامَ الْقَاضِي الْحَيَّ وَصِيًّا أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرُ، وَلَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا أَوْصَى لَهُمَا بِالتَّصَدُّقِ بِالثُّلُثِ فَيَضَعَانِهِ حَيْثُ شَاءَا كَذَا فِي الْخِزَانَةِ وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ. الْوَصِيُّ إذَا أَبْرَأَ عَمَّا وَجَبَ بِعَقْدِهِ صَحَّ، وَيَضْمَنُ إلَّا إذَا أَبْرَأَ مَنْ كَاتَبَهُ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَكَذَا الْوَكِيلُ وَالْأَبُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. الْغُلَامُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ حَائِكًا فَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ تَعْلِيمُهُ الْحِيَاكَةَ؛ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهَا وَلِلْأُمِّ وِلَايَةُ إجَارَةِ ابْنِهَا، وَلَوْ كَانَ فِي حِجْرِ عَمَّتِهِ. قَالَ الْقَاضِي: جَعَلْتُكَ وَكِيلًا فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ كَانَ وَكِيلًا بِالْحِفْظِ لَا غَيْرُ، وَلَوْ زَادَ تَشْتَرِي وَتَبِيعُ كَانَ وَكِيلًا فِيهِمَا، وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُك وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ كَانَ وَصِيًّا فِي الْكُلِّ. إذَا مَاتَ الْمُوصِي خَرَجَ الْمُوصَى بِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ أَحَدٍ حَتَّى يَقْبَلَ الْمُوصَى لَهُ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ أَوْ يَرُدَّ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ثُمَّ إلَى آخَرَ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي كُلِّهِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. قَضَى الْوَصِيُّ الدَّيْنَ ثُمَّ ظَهَرَ آخَرُ ضَمِنَ لَهُ حِصَّتَهُ إلَّا إذَا قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
الْمَيِّتُ لَا يَمْلِكُ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا إذَا نَصَبَ شَبَكَةً لِلصَّيْدِ ثُمَّ مَاتَ فَتَعَلَّقَ الصَّيْدُ فِيهَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ. كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ الْمَكَاتِبِ الْعَطَاءُ لَا يُورَثُ كَذَا فِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْوَلَاءِ أَنَّ بِنْتَ الْمُعْتِقِ تَرِثُ الْمُعْتَقَ فِي زَمَانِنَا، وَكَذَا مَا فَضَلَ بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمَالُ يَكُونُ لِلْبِنْتِ رَضَاعًا. وَعَزَاهُ إلَى النِّهَايَةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي زَمَانِنَا بَيْتُ مَالٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَضَعُونَهُ مَوْضِعَهُ. كُلُّ إنْسَانٍ يَرِثُ وَيُورَثُ إلَّا ثَلَاثَةً: الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ لَا يَرِثُونَ وَلَا يُورَثُونَ. وَمَا قِيلَ: إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرِثَ خَدِيجَةَ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنَّمَا وَهَبَتْ مَالَهَا لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صِحَّتِهَا. وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ، وَتَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ. الْجَنِينُ يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ كَذَا فِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ. وَفِي الثَّالِثِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي الْبُيُوعِ وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْإِرْثِ، فَقَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاةِ الْمُورَثِ. وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخِي رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: عِنْدَ الْمَوْتِ. وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَارِثُ لِجَارِيَةِ مُورَثِهِ: إذَا مَاتَ مَوْلَاكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ. فَعَلَى الْأَوَّلِ تَعْتِقُ لَا عَلَى الثَّانِي، كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ. الْإِرْثُ يَجْرِي فِي الْأَعْيَانِ، وَأَمَّا الْحُقُوقُ فَمِنْهَا مَا لَا يَجْرِي فِيهِ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالنِّكَاحُ لَا يُورَثُ، وَحَبْسُ الْمَبِيعِ وَالرَّهْنِ يُورَثُ، وَالْوَكَالَاتُ وَالْعَوَارِيُّ وَالْوَدَائِعُ لَا تُورَثُ، وَاخْتَلَفُوا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُورَثُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً وَالدِّيَةُ تُورَثُ اتِّفَاقًا. وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِصَاصِ فَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يُورَثُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُورَثُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ مَا لَوْ بَرْهَنَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَلَى الْقِصَاصِ، وَالْبَاقِي غُيَّبٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ إذَا حَضَرُوا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.كَذَا فِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ. وَأَمَّا خِيَارُ التَّعْيِينِ فَاتَّفَقُوا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً الْجَدُّ كَالْأَبِ إلَّا فِي إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً؛خَمْسٌ فِي الْفَرَائِضِ وَسِتٌّ فِي غَيْرِهَا. أَمَّا الْخَمْسُ: فَالْأُولَى: الْجَدَّةُ أُمُّ الْأَبِ لَا إرْثَ لَهَا مَعَ الْأَبِ، وَلَا تُحْجَبُ بِالْجَدِّ. الثَّانِيَةُ: الْإِخْوَةُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ يَسْقُطُونَ بِالْأَبِ، وَلَا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَيَسْقُطُونَ بِهِ كَالْأَبِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، فَالْمُخَالَفَةُ عَلَى قَوْلِهِمَا خَاصَّةً. الثَّالِثَةُ: لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَالْأَبِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ فَلِلْأُمِّ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ. الرَّابِعَةُ: لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ عَنْ أَبِ مُعْتِقِهِ وَابْنِ مُعْتِقِهِ فَلِلْأَبِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِلِابْنِ فِي رِوَايَةٍ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ، فَالْكُلُّ لِلِابْنِ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ. الْخَامِسَةُ: لَوْ تَرَكَ جَدَّ مُعْتِقِهِ وَأَخَاهُ؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَخْتَصُّ الْجَدُّ بِالْوَلَاءِ، وَقَالَا الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْجَدِّ أَبٌ فَالْمِيرَاثُ كُلُّهُ لَهُ اتِّفَاقًا. وَأَمَّا الْمَسَائِلُ السِّتُّ؛ فَأَرْبَعٌ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ: لَوْ أَوْصَى لِأَقْرِبَاءِ فُلَانٍ لَا يَدْخُلُ الْأَبُ وَيَدْخُلُ الْجَدُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ. تَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ الْغَنِيِّ دُونَ جَدِّهِ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْأَبُ حُرَّ وَلَاءِ وَلَدِهِ إلَى مَوَالِيهِ دُونَ الْجَدِّ. وَيَصِيرُ الصَّغِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ دُونَ جَدِّهِ. الْخَامِسَةُ: لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَمَالًا فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبِ فَهُوَ كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْجَدِّ. السَّادِسَةُ: فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ أَخٌ وَجَدٌّ؛ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَشْتَرِكَانِ وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَخْتَصُّ الْجَدُّ. وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ أَبٌ اُخْتُصَّ اتِّفَاقًا. ثُمَّ زِدْتُ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَبُوهُ وَصَارَ يَتِيمًا، وَلَا يَقُومُ الْجَدُّ مَقَامَ الْأَبِ لِإِزَالَةِ الْيُتْمِ عَنْهُ. فَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً. ثُمَّ رَأَيْت أُخْرَى فِي نَفَقَاتِ الْخَانِيَّةِ، لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا. وَلَا مَالَ لَهُ، وَلَهُمْ أُمٌّ وَجَدٌّ أَبِ الْأَبِ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا؛ الثُّلُثُ عَلَى الْأُمِّ وَالثُّلُثَانِ عَلَى الْجَدِّ. (انْتَهَى). وَلَوْ كَانَ الْأَبُ كَانَتْ كُلُّهَا عَلَيْهِ، وَلَا تُشَارِكُهُ الْأُمُّ فِي نَفَقَتِهِمْ. فَهِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. الْجَدُّ الْفَاسِدُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَلَيْسَ كَأَبٍ الْأَبِ، فَلَا يَلِي النِّكَاحَ مَعَ الْعَصَبَاتِ، وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَلَوْ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ جَارِيَةِ ابْنِ بِنْتِهِ لَمْ يَثْبُتْ بِلَا تَصْدِيقٍ، وَفِي الْمِيرَاثِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ إلَّا مَسْأَلَةَ مَا إذَا قَتَلَ وَلَدَ بِنْتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ كَأَبِ الْأَبِ، كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْحَدَّادِيُّ مِنْ الْجِنَايَاتِ.
وَصِيُّ الْمَيِّتِ كَالْأَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: يَجُوزُ إقْرَاضُهُ اتِّفَاقًا، وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْأَبِ فِي رِوَايَةٍ. الثَّانِيَةُ: يَبِيعُ وَيَشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِشَرْطِ الْخَيْرِيَّةِ لِلْيَتِيمِ، وَلِلْأَبِ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا ضَرَرَ. الثَّالِثَةُ: لِلْأَبِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ. الرَّابِعَةُ: لِلْأَبِ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَلِلْوَصِيِّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ. الْخَامِسَةُ: لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ وَلَدِهِ عَلَى دَيْنِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ. السَّادِسَةُ: لَا تَقُومُ عِبَارَتُهُ مَقَامَ عِبَارَتَيْنِ، فَإِذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ بِالشَّرْطِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ قَبِلْت بَعْدَ الْإِيجَابِ بِخِلَافِ الْأَبِ. السَّابِعَةُ: لَا يَلِي الْإِنْكَاحَ بِخِلَافِ الْأَبِ. الثَّامِنَةُ: لَا يُمَوِّنُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ. التَّاسِعَةُ: لَا يُؤَدِّي مِنْ مَالِهِ صَدَقَةَ فِطْرِهِ بِخِلَافِ الْأَبِ. الْعَاشِرَةُ: لَا يَسْتَخْدِمُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ. الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ: لَا حَضَانَةَ لَهُ بِخِلَافِ الْأَبِ. الْمَيِّتُ لَا يَرِثُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا ضُرِبَ بَطْنُ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَإِنَّ الْغُرَّةَ يَرِثُهَا الْجَنِينُ لِتُورَثَ عَنْهُ كَمَا فِي جِنَايَاتِ الْمَبْسُوطِ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَيِّتُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الصَّيْدِ. وَلَا يَضْمَنُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا ثُمَّ مَاتَ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَوْ حَفَرَ عَبْدٌ بِئْرًا تَعَدِّيًا فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَوَقَعَ إنْسَانٌ فِيهَا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ لَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِنَا عَنْ مَالٍ، وَوَرَثَتُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وُقِفَ مَالُهُ حَتَّى يَقْدَمُوا فَإِذَا قَدِمُوا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، وَلَوْ أَهْلَ ذِمَّةٍ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَفِيلٌ، وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ مِلْكِهِمْ، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ كِتَابُهُ؛ فِي مُسْتَأْمَنِ فَتْحِ الْقَدِيرِ؛ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي الطَّبَقَاتِ فِي بَابِ الْهَمْزِ فِي أَحْمَدَ: قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الْخِزَانَةِ قَالَ الْعَبَّاسُ النَّاطِفِيُّ: رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رَجُلٍ جَعَلَ لِأَحَدِ بَنِيهِ دَارًا بِنَصِيبِهِ. عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ مِيرَاثٌ، جَازَ، وَأَفْتَى بِهِ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْيَمَانِيِّ أَحَدُ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ الثَّلْجِيِّ، وَحَكَى ذَلِكَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَارِقِ وَأَبُو عُمَرَ وَالطَّبَرِيُّ. (انْتَهَى). وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ تَمَّ الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَيَلِيهِ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ وَأَلْهَمَ، وَفَتَحَ مِنْ دَقَائِقِ الْحَقَائِقِ وَفَهَّمَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبَعْدُ: فَهَذَا هُوَ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ، وَنَبَّهْت فِيهِ عَلَى أَحْكَامٍ يَكْثُرُ دَوْرُهَا وَيَقْبُحُ بِالْفَقِيهِ جَهْلُهَا، هِيَ أَحْكَامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ، وَأَحْكَامُ الصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ وَالسَّكَارَى وَالْأَعْمَى، وَأَحْكَامُ الْحَمْلِ، وَقَدْ كَتَبْنَاهَا فِي الْفَوَائِدِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَالْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ، الِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ وَالِانْقِلَابُ. وَحُكْمُ النُّقُودِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ، وَبَيَانُ جَرَيَانِ أَحَدِهِمَا مَكَانَ الْآخَرِ، وَبَيَانُ حُكْمِ السَّاقِطِ هَلْ يَعُودُ أَمْ لَا، وَمَا فُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ، وَبَيَانُ أَنَّ النَّائِبَ يَمْلِكُ مَا لَا يَمْلِكُهُ الْأَصِيلُ، وَبَيَانُ مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ، وَمَا لَا يَقْبَلُهُ، وَبَيَانُ أَنَّ الزُّيُوفَ كَالْجِيَادِ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ، وَأَحْكَامُ النَّائِمِ وَأَحْكَامُ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ، وَبَيَانُ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ وَعَكْسِهِ، وَأَحْكَامُ الْأُنْثَى، وَأَحْكَامُ الْجِنِّ، وَأَحْكَامُ الذِّمِّيِّ، وَأَحْكَامُ الْمَحَارِمِ وَأَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ، وَأَحْكَامُ الْعُقُودِ، وَأَحْكَامُ الْفُسُوخِ، وَالْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ، وَالْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ وَأَحْكَامِهِ، وَالْقَوْلُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ، وَالْقَوْلُ فِي السَّفَرِ، وَفِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ، وَفِي الْحَرَمِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ.
وَحَدُّ النِّسْيَانِ فِي التَّحْرِيرِ بِأَنَّهُ عَدَمُ تَذَكُّرِ الشَّيْءِ وَقْتَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ وَالْمُعْتَمَدُ فَإِنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ مُطْلَقًا لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» قَالَ الْأُصُولِيُّونَ: إنَّهُ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْحَقِيقَةِ بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْخَطَأِ وَأَخَوَيْهِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ، فَالْمُرَادُ حُكْمُهَا، وَهُوَ نَوْعَانِ أُخْرَوِيٌّ، وَهُوَ الْمَأْثَمُ، وَدُنْيَوِيٌّ، وَهُوَ الْفَسَادُ. وَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَصَارَ الْحُكْمُ بَعْدَ كَوْنِهِ مَجَازًا مُشْتَرَكًافَلَا يَعُمُّ. أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلِأَنَّ الْمَجَازَ لَا عُمُومَ لَهُ، فَإِذَا ثَبَتَ الْأُخْرَوِيُّ إجْمَاعًا لَمْ يَثْبُتْ الْآخَرُ كَذَا فِي التَّنْقِيحِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ. وَأَمَّا الْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ فَإِنْ وَقَعَ فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ لَمْ يَسْقُطْ بَلْ يَجِبُ تَدَارُكُهُ وَلَا يَحْصُلُ الثَّوَابُ الْمُتَرَقَّبُ عَلَيْهِ، أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، فَإِنْ أَوْجَبَ عُقُوبَةً كَانَ شُبْهَةً فِي إسْقَاطِهَا. فَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ حَجًّا أَوْ زَكَاةً أَوْ كَفَّارَةً أَوْ نَذْرًا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا الْوُقُوفُ بِغَيْرِ عَرَفَةَ غَلَطًا يَجِبُ الْقَضَاءُ اتِّفَاقًا. وَمِنْهَا مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ مَانِعَةٍ نَاسِيًا أَوْ نَسِيَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَتَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، أَوْ نَسِيَ نِيَّةَ الصَّوْمِ أَوْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا وَمِمَّا يَسْقُطُ حُكْمُهُ فِي النِّسْيَانِ لَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فِي الصَّوْمِ أَوْ جَامَعَ لَمْ يَبْطُلْ أَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ تَبْطُلُ، وَلَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالنَّاسِي وَالْعَامِدُ فِي الْيَمِينِ سَوَاءٌ، وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ لَوْ قَالَ: زَوْجَتِي طَالِقٌ نَاسِيًا أَنَّ لَهُ زَوْجَةً، وَكَذَا فِي الْعَتَاقِ، وَكَذَا فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ. وَقَدْ جَعَلَ لَهُ أَصْلًا فِي التَّحْرِيرِ فَقَالَ: إنْ كَانَ مَعَهُ مُذَكِّرٌ، وَلَا دَاعِيَةَ لَهُ كَأَكْلِ الْمُصَلِّي لَمْ يَسْقُطْ لِتَقْصِيرِهِ، بِخِلَافِ سَلَامِهِ فِي الْقَعْدَةِ، أَوْ لَا مَعَهُ مَعَ دَاعٍ كَأَكْلِ الصَّائِمِ سَقَطَ أَوْ لَا وَلَا فَأَوْلَى كَتَرْكِ الذَّابِحِ التَّسْمِيَةَ. (انْتَهَى). وَمِنْ مَسَائِلِ النِّسْيَانِ لَوْ نَسِيَ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ حَتَّى مَاتَ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنَ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَصْبًا يُؤَاخَذْ بِهِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمِنْهَا لَوْ عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِوَصَايَا لَكِنَّهُ نَسِيَ مِقْدَارَهَا. وَحُكْمُهُ فِي وَصَايَا خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَأَمَّا الْجَهْلُ فَحَقِيقَتُهُ عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْعِلْمُ؛ فَإِنْ قَارَنَ اعْتِقَادَ النَّقِيضِ فَهُوَ مُرَكَّبٌ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالشُّعُورِ بِالشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ وَإِلَّا فَبَسِيطٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الشُّعُورِ وَأَقْسَامُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ كَمَا فِي الْمَنَارِ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ: جَهْلٌ بَاطِلٌ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا فِي الْآخِرَةِ، كَجَهْلِ الْكَافِرِ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامِ الْآخِرَةِ، وَجَهْلِ صَاحِبِ الْهَوَى وَجَهْلِ الْبَاغِي حَتَّى يَضْمَنَ مَالَ الْعَدْلِ إذَا أَتْلَفَهُ. وَجَهْلِ مَنْ خَالَفَ فِي اجْتِهَادِهِ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ الْمَشْهُورَةَ وَالْإِجْمَاعَ كَالْفَتْوَى بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ. وَالثَّانِي: الْجَهْلُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ أَوْ فِي مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ وَأَنَّهُ يَصْلُحُ عُذْرًا وَشُبْهَةً، كَالْمُحْتَجِمِ إذَا أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا فَطَّرَتْهُ، وَكَمَنْ زَنَى بِجَارِيَةِ وَالِدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ. وَالثَّالِثُ: الْجَهْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ وَإِنَّهُ يَكُونُ عُذْرًا وَيَلْحَقُ بِهِ. الرَّابِعُ: وَهُوَ جَهْلُ الشَّفِيعِ، وَجَهْلُ الْأَمَةِ بِالْإِعْتَاقِ، وَجَهْلُ الْبِكْرِ بِنِكَاحِ الْوَلِيِّ، وَجَهْلُ الْوَكِيلِ وَالْمَأْذُونِ بِالْإِطْلَاقِ وَضِدُّهُ. (انْتَهَى). وَمِمَّا فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ؛ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا فَكَذَا، وَهُوَ مَيِّتٌ إنْ عَلِمَ بِهِ حَنِثَ وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الْكَنْزِ، وَقَالُوا: لَوْ لَمْ تَعْلَمْ الْأَمَةُ بِأَنَّ لَهَا خِيَارَ الْعِتْقِ لَا يَبْطُلُ بِسُكُوتِهَا، وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ الصَّغِيرَةُ خِيَارَ الْبُلُوغِ بَطَلَ، وَقَالُوا: لَوْ اسْتَامَ جَارِيَةً مُتَنَقِّبَةً أَوْ ثَوْبًا مَلْفُوفًا فَظَهَرَ أَنَّهُ مِلْكُهُ بَعْدَ الْكَشْفِ؛ قِيلَ: يُعْذَرُ إذْ ادِّعَاؤُهُ لِلْجَهْلِ فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ وَقِيلَ لَا. وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَقَالُوا: يُعْذَرُ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي بِالتَّنَاقُضِ لِلْجَهْلِ، وَقَالُوا: إذَا قَبِلَتْ الْخُلْعَ ثُمَّ ادَّعَتْ الثَّلَاثَ قَبْلَهُ تُسْمَعُ، فَإِذَا بَرْهَنَتْ اسْتَرَدَّتْ الْبَدَلَ لِلْجَهْلِ فِي مَحَلِّهِ، وَلَوْ قَبِلَ الْكِتَابَةَ، وَأَدَّى الْبَدَلَ ثُمَّ ادَّعَى الْإِعْتَاقَ قَبْلَهُ تُسْمَعُ، وَيَسْتَرِدُّ الْبَدَلَ إذَا بَرْهَنَ وَقَالُوا: إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ يُقْبَلُ. وَقَالُوا فِي بَابِ الرَّضَاعِ: وَلَا يَضُرُّ التَّنَاقُضُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ أَنَّ الْجَهْلَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَنَا لِدَفْعِ الْفَسَادِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَبِيرَةِ لَوْ جَهِلَتْ أَنَّ الْإِرْضَاعَ مُفْسِدٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ جَاهِلًا. قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكْفُرُ.وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ وَلَا يُعْذَرُ. (انْتَهَى). وَفِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ ظَنَّ لِجَهْلِهِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ حَلَالٌ لَهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعْلَمُ مِنْ دِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرُورَةً، كَفَرَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالُوا فِي بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ: لَوْ اشْتَرَى مَا كَانَ رَآهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَرْئِيَّةٌ لِعَدَمِ الرِّضَاءِ بِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَقَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ: إنَّ الْجَهْلَ بِكَوْنِهِ مَالَ الْغَيْرِ يَدْفَعُ الْإِثْمَ لَا الضَّمَانَ. وَفِي إقْرَارِ الْيَتِيمَةِ: سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ حِنْطَةً مِنْ سَلَمٍ عَقَدَاهُ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ سَأَلْت الْفُقَهَاءَ عَنْ الْعَقْدِ فَقَالُوا هُوَ فَاسِدٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ شَيْءٌ وَالْمُقِرُّ مَعْرُوفٌ بِالْجَهْلِ هَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ؟ فَقَالَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَقُّ بِدَعْوَى الْجَهْلِ. (انْتَهَى). وَقَالَ قَبْلَهُ: إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى ظَنِّ صِدْقِ الْمُفْتِي بِالْوُقُوعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَأَهُ فَإِفْتَاءُ الْأَهْلِ لَمْ يَقَعْ دِيَانَةً وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْحُكْمِ، وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ.وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْإِيصَاءِ جَازَ، وَلَوْ بَاعَ مِلْكَ أَبِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ ثُمَّ عَلِمَ جَازَ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْجَدُّ مَالَ ابْنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ نَفَذَ عَلَى الصَّغِيرِ، وَمُقْتَضَى بَيْعِ الْوَارِثِ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَةً ابْنَهُ ثُمَّ بَانَ مَيِّتًا نَفَذَ. وَلَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ فَبَانَ رَاجِعًا يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ. وَمِمَّا فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ مَا فِي وَكَالَةِ الْخَانِيَّةِ؛: الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا دَفَعَهُ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ مَا وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ، قَالُوا: إنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِالْهِبَةِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ دَفَعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ، قَالُوا: إنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِطَرِيقِ الْفِقْهِ أَنَّ الدَّفْعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَا يَجُوزُ ضَمِنَ مَا دَفَعَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ دَفَعَ بَعْدَ مَا دَفَعَ الْمُوَكِّلُ، فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ، وَالْمَذْهَبُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا، كَالْمُتَفَاوِضِينَ إذَا أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ أَدَّى الثَّانِي عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا. وَالْآمِرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا أَدَّى الْأَمْرَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى الْمَأْمُورُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِقَضَاءِ الْمُوَكِّلِ، قَالُوا: هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا. أَمَّا عَلَى قَوْلِهِ: فَيَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (انْتَهَى). وَلَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ، وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا أَوْصَى بِهِ لَمْ تَصِحَّ إجَازَتُهُمْ كَذَا فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ. وَفِي وَكَالَةِ الْمُنْيَةِ: أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ غُلَامِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ بِمَا بَاعَهُ، فَقَالَ الْمَأْمُورُ بِعْت الْغُلَامَ، فَقَالَ: أَجَزْت. جَازَ الْبَيْعُ، وَكَذَا فِي النِّكَاحِ، وَإِنْ قَالَ: قَدْ أَجَزْت مَا أَمَرْتُك بِهِ لَمْ يَجُزْ. (انْتَهَى). وَفِي وَكَالَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ: إذَا عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ الْقَاتِلِ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ الْبَاقُونَ؛ إنْ عَلِمَ أَنَّ عَفْوَ الْبَعْضِ يُسْقِطُ الْقِصَاصَ اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُشْكِلُ عَلَى النَّاسِ. (انْتَهَى). وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَقَبَضَهُ بَعْدَ إبْرَاءِ الطَّالِبِ وَلَمْ يَعْلَمْ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلِلدَّافِعِ تَضْمِينُ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُوَكِّلِ. (انْتَهَى).
وَأَمَّا أَحْكَامُ الْإِكْرَاهِ فَمَذْكُورَةٌ فِي آخِرِ الْمَنَارِ، وَهِيَ شَهِيرَةٌ فِي الْفُرُوعِ تَرَكْنَاهَا قَصْدًا.
هُوَ جَنِينٌ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، فَإِذَا انْفَصَلَ ذَكَرًا، فَصَبِيٌّ وَيُسَمَّى رَجُلًا كَمَا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ إلَى الْبُلُوغِ، فَغُلَامٌ إلَى تِسْعَ عَشَرَةَ، فَشَابٌّ إلَى أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، فَكَهْلٌ إلَى إحْدَى وَخَمْسِينَ، فَشَيْخٌ إلَى آخِرِ عُمْرِهِ. هَكَذَا فِي اللُّغَةِ. وَفِي الشَّرْعِ يُسَمَّى غُلَامًا إلَى الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ شَابًّا، وَفَتًى إلَى ثَلَاثِينَ، فَكَهْلٌ إلَى خَمْسِينَ فَشَيْخٌ. وَتَمَامُهُ فِي أَيْمَانِ الْبَزَّازِيَّةِ، فَلَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ حَتَّى الزَّكَاةِ عِنْدَنَا وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَعَمْدُهُ خَطَأٌ. وَأَمَّا الْأَيْمَانُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَفِي التَّحْرِيرِ: وَاسْتَثْنَى فَخْرُ الْإِسْلَامِ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْأَيْمَانَ فَأَثْبَتَ أَصْلَ وُجُوبِهِ فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ بِسَبَبِيَّةِ حُدُوثِ الْعَالِمِ لَا الْأَدَاءِ، فَإِذَا أَسْلَمَ عَاقِلًا وَقَعَ فَرْضًا فَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُهُ بَالِغًا كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بَعْدَ السَّبَبِ. وَنَفَاهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لِعَدَمِ حُكْمِهِ وَلَوْ أَدَّاهُ وَقَعَ فَرْضًا لِأَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ كَانَ لِعَدَمِ حُكْمِهِ فَإِذَا وُجِدَ وَجَبَ، وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ. (انْتَهَى). وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي مَالِهِ وَالْأُضْحِيَّةِ. وَالْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ فَيُؤَدِّيهَا الْوَلِيُّ وَيَذْبَحُهَا وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا فَيُطْعِمُهُ مِنْهُ وَيَبْتَاعُ لَهُ بِالْبَاقِي مَا تَبْقَى عَيْنُهُ. وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ فِي أَرْضِهِ وَعَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَعِيَالِهِ وَقَرَابَتِهِ كَالْبَالِغِ، وَعَلَى بُطْلَانِ عِبَادَتِهِ بِفِعْلِ مَا يُفْسِدُهَا مِنْ نَحْوِ كَلَامٍ فِي الصَّلَاةِ، وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ فِي الصَّوْمِ، وَجِمَاعٍ فِي الْحَجِّ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، لَكِنْ لَا دَمَ عَلَيْهِ فِي فِعْلٍ مَحْظُورٍ إحْرَامُهُ. وَلَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ بِالْقَهْقَهَةِ فِي صَلَاتِهِ، وَإِنْ أَبْطَلَتْ الصَّلَاةَ. وَتَصِحُّ عِبَادَاتُهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي ثَوَابِهَا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَهُ وَلِلْمُعَلِّمِ ثَوَابُ التَّعْلِيمِ، وَكَذَا جَمِيعُ حَسَنَاتِهِ وَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهَا فِي التَّرَاوِيحِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا. وَتَجِبُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ عَلَى سَامِعِهَا مِنْ صَبِيٍّ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ عَقْلِهِ، وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِصَلَاتِهِ مَعَ وَاحِدٍ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَلَا تَصِحُّ بِثَلَاثَةٍ هُوَ مِنْهُمْ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ، فَلَا يَلِي الْإِنْكَاحَ وَلَا الْقَضَاءَ وَلَا الشَّهَادَةَ مُطْلَقًا، لَكِنْ لَوْ خَطَبَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَصَلَّى بَالِغٌ جَازَ. وَتَصِحُّ سَلْطَنَتُهُ ظَاهِرًا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: مَاتَ السُّلْطَانُ وَاتَّفَقَتْ الرَّعِيَّةُ عَلَى سَلْطَنَةِ ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ، يَنْبَغِي أَنْ يُفَوِّضَ أُمُورَ التَّقْلِيدِ عَلَى وَالٍ وَيُعِدَّ هَذَا الْوَلِيُّ نَفْسَهُ تَبَعًا لِابْنِ السُّلْطَانِ لِشَرَفِهِ، وَالسُّلْطَانُ فِي الرَّسْمِ هُوَ الِابْنُ، وَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْوَالِي لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِذْنِ بِالْقَضَاءِ وَالْجُمُعَةِ مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ. (انْتَهَى). وَيَصْلُحُ وَصِيًّا وَنَاظِرًا وَيُقِيمُ الْقَاضِي مَكَانَهُ بَالِغًا إلَى بُلُوغِهِ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ مِنْ الْوَصَايَا، وَفِي الْإِسْعَافِ وَالْمُلْتَقَطِ: وَلَا تَصِحُّ خُصُومَةُ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا فِي الْخُصُومَةِ. وَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ إلَّا الْقَهْقَهَةَ، وَيَصِحُّ أَذَانُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ. كَمَا فِي الْمَجْمَعِ. لَكِنْ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي أَذَانِ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَإِنْ كَانَ الْبَالِغُ أَفْضَلَ، وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهُ فِي وَظِيفَةِ الْأَذَانِ وَأَمَّا قِيَامُهُ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ؛ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْحُكْمِ بِصِحَّتِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرْكَانُهَا وَشَرَائِطُهَا لَا تُوصَفُ بِالْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ وَأَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَهَلْ يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ؟ فَقَالُوا: وَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَتَصِحُّ الْإِجَازَةُ لَهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ، وَيُمْنَعُ مِنْ الْمُصْحَفِ، وَتُمْنَعُ الصَّبِيَّةُ الْمُطَلَّقَةُ أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ التَّزَوُّجِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَا نَقُولُ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَصِحُّ أَمَانَةً وَلَا يُدَاوَى إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَثَقْبُ أُذُنِ الْبِنْتِ الطِّفْلِ مَكْرُوهٌ قِيَاسًا، وَلَا بَأْسَ بِهِ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ، وَإِذَا أُهْدِيَ لِلصَّبِيِّ شَيْءٌ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ الْأَكْلُ مِنْهُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ إذَا كَانَ يَعْقِدُ الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ وَلَوْ مَحْجُورًا، وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقَ إلَيْهِ فِي نَحْوِ بَيْعٍ بَلْ لِمُوَكِّلِهِ وَكَذَا فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ وَالِاعْتِبَارُ لِنِيَّةِ الْمُوَكِّلِ، وَيُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَهَدِيَّةٍ وَنَحْوِهَا. وَفِي الْمُلْتَقَطِ: وَلَا تَصِحُّ الْخُصُومَةُ مِنْ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا. (انْتَهَى). وَيَحْصُلُ بِوَطْئِهِ التَّحْلِيلُ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي النِّسَاءَ وَيَمْلِكُ الْمَالَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمُبَاحِ كَالْبَالِغِ وَالْتِقَاطُهُ كَالْتِقَاطِ الْبَالِغِ، وَيَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ، وَيَصِحُّ إسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ وَلَا يُقْتَلُ لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ إسْلَامِهِ صَغِيرًا أَوْ تَبَعًا وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ التَّسْمِيَةَ وَيَضْبِطَهَا بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْحِلَّ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهَا كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُؤْكَلُ الصَّيْدُ بِرَمْيِهِ إذَا سَمَّى، وَلَيْسَ كَالْبَالِغِ فِي النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا فَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِوَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا عِتْقُهُ إلَّا حُكْمًا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ فِي الطَّلَاقِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي الْأَقْوَالِ كُلِّهَا لَا فِي الْأَفْعَالِ، فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ فِي الْحَجْرِ، وَتَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْئِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَإِلَّا فَلَا. وَتَثْبُتُ أَيْضًا بِوَطْءِ الصَّبِيَّةِ الْمُشْتَهَاةِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَلَا يَدْخُلُ الصَّبِيُّ فِي الْقَسَامَةِ وَالْعَاقِلَةِ، وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي الصُّغْرَى، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَلَا يُؤْخَذُ صِبْيَانُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالتَّمْيِيزِ عَنْ صِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَا شَيْءَ عَلَى صِبْيَانِ بَنِي تَغْلِبَ. وَلَا يُقْتَلُ وَلَدُ الْحَرْبِيِّ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ، وَلَوْ قَتَلَهُ مُجَاهِدٌ بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ إلَّا إذَا قَاتَلَ، وَيَدْخُلُ الصَّبِيُّ تَحْتَ قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَإِذَا قَتَلَ الصَّبِيُّ اسْتَحَقَّ سَلَبَ مَقْتُولِهِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ: وَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ سَهْمًا أَوْ رَضْخًا. (انْتَهَى). وَفِي الْكَنْزِ إنَّ الصَّبِيَّ مِمَّنْ يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ، وَلَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِصَبِيٍّ إذَا أَدْرَكْتَ فَصَلِّ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ جَازَ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: السُّلْطَانُ أَوْ الْوَالِي إذَا كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فَبَلَغَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ. (انْتَهَى). وَلَا تَنْعَقِدُ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا فَبَاعَ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا لَا يُحَلِّفُهُ حَتَّى يُدْرِكَ كَمَا فِي الْعُمْدَةِ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ لَا يُحْضِرُهُ إلَى بَابِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فَنَكَلَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الْعُمْدَةِ. وَيُقَامُ التَّعْزِيرُ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا، وَتَتَوَقَّفُ عُقُودُهُ الْمُتَرَدِّدَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ، وَيَصِحُّ قَبْضُهُ لِلْهِبَةِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ مِنْ أَقْوَالِهِ مَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا وَمِنْهُ إقْرَاضُهُ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَوْ كَانَ مَحْجُورًا، لَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا، وَكَفَالَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ عَنْ أَبِيهِ، وَصَحَّتْ لَهُ وَعَنْهُ مُطْلَقًا. وَقَدْ جَمَعَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ أَحْكَامَ الصِّبْيَانِ، فَمَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاعَ عَلَى كَثْرَةِ فُرُوعِنَا وَحُسْنِ تَقْرِيرِنَا وَاسْتِيعَابِنَا وَعَلَى نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِيمَا نَقْصِدُهُ مِنْ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ فَلْيَنْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ؛ وَقَدْ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ مَا يَكُونُ بِهِ بَالِغًا، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَرَكْنَاهُ قَصْدًا لِتَصْرِيحِهِمْ بِهِ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ، وَكِتَابُنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كِتَابُ الْمُفْرَدَاتِ الْمُلْتَقَطَاتِ وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى يَجُوزُ السَّفَرُ بِهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَلَا يُضْمَنُ الصَّبِيُّ بِالْغَصْبِ فَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَمَاتَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ إلَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ مَكَانِ الْوَبَاءِ أَوْ الْحُمَّى، وَقَدْ سُئِلَتْ عَمَّنْ أَخَذَ ابْنَ إنْسَانٍ صَغِيرٍ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْبَلَدِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ إلَى أَبِيهِ؟ فَأَجَبْتُ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِالصَّبِيِّ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ. (انْتَهَى). وَلَوْ خَدَعَهُ حَتَّى أَخَذَهُ بِرِضَاهُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، لِأَنَّهُ مَا غَصَبَهُ، لِأَنَّهُ الْأَخْذُ قَهْرًا، وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ النِّكَاحِ: وَعَنْ مُحَمَّدِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ خَدَعَ بِنْتَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَتَهُ وَأَخْرَجَهَا مِنْ مَنْزِلِهِ. قَالَ أَحْبِسُهُ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا أَوْ يُعْلَمَ مَوْتُهَا. (انْتَهَى). وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ صَبِيٍّ لَمْ تُعْلَمْ صِحَّتُهُ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لَا دِيَةٌ. وَلَوْ دَفَعَ السِّكِّينَ إلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَضْمَنْ الدَّافِعُ، وَإِنْ قَتَلَ غَيْرَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَيَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى الدَّافِعِ. وَكَذَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ، وَلَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِالْوُقُوعِ مِنْ شَجَرَةٍ فَوَقَعَ ضَمِنَ دِيَتَهُ. وَلَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ فَعَطِبَ ضَمِنَهُ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ بِصُعُودِ شَجَرَةٍ لِنَفْضِ ثِمَارِهَا فَوَقَعَ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِكَسْرِ الْحَطَبِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِيهَا أَيْضًا: صَبِيٌّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ غَرِقَ فِي مَاءٍ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا شَيْءَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ أَوْ كَانَ أَصْغَرَ سِنًّا؛ قَالُوا يَكُونُ عَلَى الْوَالِدَيْنِ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي حِجْرِهِ الْكَفَّارَةُ لِتَرْكِ الْحِفْظِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ شَيْءٌ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، إلَّا أَنْ يَسْقُطَ مِنْ يَدِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَوْ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ وَقَالَ: امْسِكْهَا لِي وَهِيَ وَاقِفَةٌ فَسَقَطَ وَمَاتَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ الدِّيَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ سَيَّرَ الصَّبِيُّ الدَّابَّةَ فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَهَدَرٌ، وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا فَجَعَلَ صَبِيًّا مَعَهُ فَقَتَلَتْ الدَّابَّةُ إنْسَانًا؛ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ فَقَطْ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا. (انْتَهَى). وَلَوْ مَلَأَ صَبِيٌّ كُوزًا مِنْ حَوْضٍ ثُمَّ صَبَّهُ فِيهِ لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ، وَلَا أَنْ يَسْقِيَهُ الْخَمْرَ، وَلَا أَنْ يُجْلِسَهُ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا، وَلَا أَنْ يُخَضِّبَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ بِالْحِنَّاءِ، وَفِي الْمُلْتَقَطِ: زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ وَذَهَبَتْ وَلَا يُدْرَى لَا يُجْبَرُ زَوْجُهَا عَلَى الطَّلَبِ. (انْتَهَى).
هُوَ مُكَلَّفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} خَاطَبَهُمْ تَعَالَى وَنَهَاهُمْ حَالَ سُكْرِهِمْ. فَإِنْ كَانَ السُّكْرُ مِنْ مُحَرَّمٍ فَالسَّكْرَانُ مِنْهُ هُوَ الْمُكَلَّفُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُبَاحٍ فَلَا، فَهُوَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَاخْتُلِفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا إذَا سَكِرَ مُكْرَهًا أَوْ مُضْطَرًّا فَطَلَّقَ. وَقَدَّمْنَا فِي الْفَوَائِدِ أَنَّهُ مِنْ مُحَرَّمٍ كَالصَّاحِي إلَّا فِي ثَلَاثٍ: الرِّدَّةُ، وَالْإِقْرَارُ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ، وَالْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ. وَزِدْتُ عَلَى الثَّلَاثِ مَسَائِلَ: الْأُولَى: تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ. الثَّانِيَةُ: الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ، صَاحِيًا، إذَا سَكِرَ فَطَلَّقَ لَمْ يَقَعْ. الثَّالِثَةُ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ سَكِرَ فَبَاعَ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى مُوَكِّلِهِ. الرَّابِعَةُ: غَصَبَ مِنْ صَاحٍ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَهُوَ سَكْرَانُ، وَهِيَ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ، فَهُوَ كَالصَّاحِي إلَّا فِي سَبْعٍ فَيُؤَاخَذُ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ. وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا إذَا سَكِرَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ أَوْ الْعَسَلِ. وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ سَكِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ، وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ لَمْ يَقَعْ، وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ بَنْجُ حِينَ شَرِبَهُ يَقَعُ وَإِلَّا فَلَاوَصَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ أَذَانِ السَّكْرَانِ وَاسْتِحْبَابِ إعَادَتِهِ، وَيَنْبَغِي أَلَّا يَصِحُّ أَذَانُهُ كَالْمَجْنُونِوَأَمَّا صَوْمُهُ فِي رَمَضَانَ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ إنْ صَحَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ النِّيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ إذَا نَوَى لِأَنَّا لَا نَشْتَرِطُ التَّبْيِيتَ فِيهَا، وَإِذَا خَرَجَ وَقْتُهَا قَبْلَ صَحْوِهِ أَثِمَ وَقَضَى وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِسُكْرِهِ. وَيَصِحُّ وُقُوفُهُ بِعَرَفَاتٍ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ. وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ السَّكْرَانِ فَقِيلَ: مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَالرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ. وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقِيلَ: مَنْ فِي كَلَامِهِ اخْتِلَاطٌ وَهَذَيَانٌ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِدْحِ الْمُسْكِرِ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ مَا قَالَاهُ احْتِيَاطًا فِي الْمُحَرَّمَاتِ. وَالْخِلَافُ فِي الْحَدِّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بِهِ وَفِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يَسْكَرَ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُمْ: إنَّ السُّكْرَ مِنْ مُبَاحٍ كَالْإِغْمَاءِ، يُسْتَثْنَى مِنْهُ سُقُوطُ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّهُ بِصُنْعِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَا عِيدَ وَلَا تَشْرِيقَ وَلَا أَذَانَ وَلَا إقَامَةَ وَلَا حَجَّ وَلَا عُمْرَةَ، وَصُورَتُهَا كَالرَّجُلِ، وَيُزَادُ الْبَطْنُ وَالظَّهْرُ، وَيَحْرُمُ نَظَرُ غَيْرِ الْمَحْرَمِ إلَى عَوْرَتِهَا فَقَطْ وَمَا عَدَاهَا إنْ اشْتَهَى. وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ شَاهِدًا وَلَا مُزَكِّيًا عَلَانِيَةً، وَلَا عَاشِرًا وَلَا قَاسِمًا وَلَا مُقَوِّمًا وَلَا كَاتِبَ حُكْمٍ وَلَا أَمِينًا لِحَاكِمٍ وَلَا إمَامًا أَعْظَمَ وَلَا قَاضِيًا وَلَا وَلِيًّا فِي نِكَاحٍ أَوْ قَوَدٍ، وَلَا يَلِي أَمْرًا عَامًّا إلَّا نِيَابَةً عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، فَلَهُ نَصْبُ الْقَاضِي نِيَابَةً عَنْ السُّلْطَانِ، وَلَوْ حَكَمَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ بِالْقَضَاءِ فَقَضَى بَعْدَ عِتْقِهِ جَازَ بِلَا تَجْدِيدِ إذْنٍ، وَلَا وَصِيًّا إلَّا إذَا كَانَ عَبْدَ الْمُوصِي، وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ، عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ، وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا فِطْرَةَ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى مَوْلَاهُ إنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ، وَلَا أُضْحِيَّةَ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ، وَلَا يَصُومُ غَيْرَ فَرْضٍ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَلَا فَرْضًا وَجَبَ بِإِيجَابِهِ. وَكَذَا الِاعْتِكَافُ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، وَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِمَالِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مُكَاتَبًا إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِمَا فِي يَدِهِ وَلَوْ بَعْدَ حَجْرِهِ، وَكَذَا إقْرَارُهُ بِجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ بِخِلَافِهِ بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ، وَلَا يَنْفَرِدُ بِتَزْوِيجِ نَفْسِهِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَيُجْعَلُ صَدَاقًا وَيَكُونُ نَذْرًا وَرَهْنًا، وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ، وَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ حَالَّةً إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا دِيَةَ فِي قَتْلِهِ، وَقِيمَتُهُ قَائِمَةٌ مَقَامَهَا كُلًّا وَبَعْضًا وَلَا تَبْلُغُهَا، وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ وَلَا هُوَ مِنْهُمْ. وَحْدَهُ النِّصْفُ وَلَا إحْصَانَ لَهُ. وَجِنَايَتُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ كَدِيَتِهِ، وَلَا سَهْمَ لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ بَلْ يُرْضَخُ لَهُ إنْ قَاتَلَ، وَيُبَاعُ فِي دِيَتِهِ. وَيُدْفَعُ فِي جِنَايَتِهِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ، وَيَنْكِحُ اثْنَتَيْنِ وَلَا تَسْرِي لَهُ مُطْلَقًا، وَطَلَاقُهَا ثِنْتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ وَنِصْفُ الْمُقَدَّرِ، وَلَا لِعَانَ بِقَذْفِهَا وَلَا تُنْكَحُ عَلَى حُرَّةٍ، وَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَاتِ، وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ، وَقَسْمُهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ قَسْمِ الْحُرَّةِ، وَمَهْرُهَا كَغَيْرِهَا، وَلَا يَلْحَقُ وَلَدُهَا مَوْلَاهَا إلَّا بِدَعْوَتِهِ مِنْهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، وَإِيلَاءُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ شَهْرَانِ، وَلَا خَادِمَ لَهَا وَلَوْ جَمِيلَةً وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ وَلَا تُوطَأُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ، وَلَا حَصْرَ لِعَدَدِ السَّرَارِي، وَيَجُوزُ جَمْعُهُنَّ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِدُونِ الرِّضَاءِ، وَلَا ظِهَارَ وَلَا إيلَاءَ مِنْ أَمَتِهِ، وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا إذَا كَانَ مَوْلَاهَا عِنِّينًا، وَلَا حَضَانَةَ لِأَقَارِبِهِ بَلْ لِسَيِّدِهِ، وَلَا قِصَاصَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرِّ فِي الْأَطْرَافِ، بِخِلَافِ النَّفْسِ. وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ، وَدَوَاؤُهُ مَرِيضًا عَلَى مَوْلَاهُ، بِخِلَافِ الْحُرِّ وَلَوْ زَوْجَةً، وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوُضُوءِ إلَّا بِمُعِينٍ، فَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُوَضِّئَهُ، بِخِلَافِ الْحُرِّ، وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ، وَمَهْرُهُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهِ كَالدَّيْنِ، وَيُبَاعُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ، وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُضُورِ سَيِّدِهِ وَلَا يُحْبَسُ فِي دَيْنٍ، وَيَمْلِكُهُ الْكُفَّارُ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَلَا يَصِحُّ تَصَادُقُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَى النِّكَاحِ إلَّا فِي الْمُسَبَّبِينَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، بِخِلَافِ الْحُرَّيْنِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِعْتَاقُهُ بَاطِلٌ وَلَوْ مُعَلَّقًا بِمَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَكَذَا وَصِيَّتُهُ وَهِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَتَبَرُّعُهُ إلَّا إهْدَاءَ الْيَسِيرِ مِنْ الْمَأْذُونِ الْمُحَابَاةُ الْيَسِيرَةُ مِنْهُ، وَالْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ إلَى مَوْلَاهَا وَهُوَ الْمَطَالِبُ لِزَوْجِهَا الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ بِالتَّفْرِيقِ، وَلَيْسَ مَصْرِفًا لِلصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَةِ إلَّا إذَا كَانَ مَوْلَاهُ فَقِيرًا أَوْ كَانَ مُكَاتَبًا، وَلَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ مُؤْنَةً إلَّا دَمَ إحْصَارِهِ عَنْ إحْرَامٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ لَوْ وَكِيلًا مَحْجُورًا، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ وَوَطْءُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ لَيْسَ بِبَيَانٍ لِلْعِتْقِ الْمُبْهَمِ، بِخِلَافِ وَطْءِ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ لَا يَكُونُ بَيَانًا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ وَأَمْرُهُ عَبْدَهُ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مُوجِبٌ لِضَمَانِهِ، وَأَمْرُ عَبْدِ الْغَيْرِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِ مَوْلَاهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْحُرِّ إلَّا إذَا كَانَ سُلْطَانًا، وَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ بِخِلَافِ الْحُرِّ وَلَوْ صَغِيرًا، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ، وَعَقْدُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ مَوْلَاهُ وَتَخْرُجُ الْأَمَةُ فِي الْعِدَّةِ وَيَحِلُّ سَفَرُهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُؤْخَذُ بِالتَّمْيِيزِ عَنَّا لَوْ كَانَ عَبْدَ ذِمِّيٍّ. وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى عَبْدِ نَفْسِهِ أَوْ أَمَتِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَّا الْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْتِقَاطِهِ أَوْ اسْتِيلَائِهِ عَلَى الْمُبَاحِ. وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِي أَنْ يَمْلِكَهُ مَوْلَاهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ رَدَّ آبِقًا فَالْجُعَلُ لِمَوْلَاهُ. وَيُعَزِّرُهُ مَوْلَاهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَحُدُّهُ عِنْدَنَا. وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ تَيْسِيرُ جَمْعِهَا مِنْ مَحَالِّهَا، وَلَمْ أَرَهَا مَجْمُوعَةً وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا مِنْ رَحْمَتِكَ وَأَلْهِمْنَا رُشْدَنَا.
هُوَ كَالْبَصِيرِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا: لَا جِهَادَ عَلَيْهِ وَلَا جُمُعَةَ وَلَا جَمَاعَةَ وَلَا حَجَّ وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا وَلَا يَصْلُحُ لِلشَّهَادَةِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى، وَلَا دِيَةَ فِي عَيْنِهِ. وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ الْحُكُومَةُ، وَتُكْرَهُ إمَامَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ الْقَوْمِ، وَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَةٍ، وَلَمْ أَرَ حُكْمَ ذَبْحِهِ وَصَيْدِهِ وَحَضَانَتِهِ، وَرُؤْيَتُهُ لِمَا اشْتَرَاهُ بِالْوَصْفِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ ذَبْحُهُ، وَأَمَّا حَضَانَتُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ حِفْظُ الْمَحْضُونِ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا فَلَا، وَيَصْلُحُ نَاظِرًا أَوْ وَصِيًّا، وَالثَّانِيَةُ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ، وَالْأُولَى فِي أَوْقَافِ هِلَالٍ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ.
قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: الْأَحْكَامُ تَثْبُتُ بِطُرُقٍ أَرْبَعَةٍ: الِاقْتِصَارُ؛ كَمَا إذَا أَنْشَأَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ وَلَهُ نَظَائِرُ جَمَّةٌ. وَالِانْقِلَابُ وَهُوَ انْقِلَابُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ، كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ بِالشَّرْطِ؛ فَعِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَنْقَلِبُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ عِلَّةً وَالِاسْتِنَادُ؛ وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الْحَالِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ وَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاقْتِصَارِ، وَذَلِكَ كَالْمَضْمُونَاتِ تُمْلَكُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ وَكَالنِّصَابِ، فَإِنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ، كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُتَيَمِّمِ تُنْتَقَضُ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَرُؤْيَةِ الْمَاءِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْحَدَثِ، وَلِهَذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لَهُمَا. وَالتَّبْيِينُ وَهُوَ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ أَنَّ الْحُكْمَ كَانَ ثَابِتًا مِنْ قَبْلُ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ فِي الْيَوْمِ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَبَيَّنَ فِي الْغَدِ وُجُودُهُ فِيهَا؛ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْيَوْمِ، وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ مِنْهُ، وَكَمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ الدَّمَ، لَا يُقْضَى بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مَا لَمْ يَمْتَدَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا تَمَّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَكَمْنَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ حَاضَتْ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاسْتِنَادِ؛ أَنَّ فِي التَّبْيِينِ يُمْكِنُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ الْعِبَادُ، وَفِي الِاسْتِنَادِ لَا يُمْكِنُ، وَفِي الْحَيْضِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بِشَقِّ الْبَطْنِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ الرَّحِمِ. وَكَذَا تُشْتَرَطُ الْمَحَلِّيَّةُ فِي الِاسْتِنَادِ دُونَ التَّبْيِينِ، وَكَذَا الِاسْتِنَادُ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْقَائِمِ دُونَ الْمُتَلَاشِي. وَأَثَرُ التَّبْيِينِ يَظْهَرُ فِيهِمَا، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْيَمِينِ بِشَهْرٍ، فَإِنْ مَاتَ لِتَمَامِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ فَتُعْتَبَرُ الْعِدَّةُ أَوَّلَهُ، وَلَوْ وَطِئَهَا فِي الشَّهْرِ صَارَ مُرَاجِعًا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَغَرِمَ الْعُقْرَ لَوْ كَانَ بَائِنًا، وَيَرُدُّ الزَّوْجُ بَدَلَ الْخُلْعِ إلَيْهَا لَوْ خَالَعَهَا فِي خِلَالِهِ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ، وَلَوْ مَاتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْعِدَّةِ بِأَنْ كَانَتْ بِالْوَضْعِ أَوْ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ الْمَحِلِّ. وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِيهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ لَا بِطَرِيقِ التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ يَقَعُ مُقْتَصِرًا عَلَى الْقُدُومِ لَا مُسْتَنِدًا. (انْتَهَى). وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُسْتَصْفَى. وَقَدْ فَرَّعَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي الْفُرُوقِ عَلَى الِاسْتِنَادِ تِسْعَ مَسَائِلَ فَلْتُرَاجَعْ فِيهَا.
لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَفِي تَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ رِوَايَتَانِ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ تَفْصِيلًا بِأَنَّ مَا فَسَدَ مِنْ أَصْلِهِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ لَا فِيمَا انْتَقَضَ بَعْدَ صِحَّةٍ، وَالصَّحِيحُ تَعْيِينُهُ فِي الصَّرْفِ بَعْدَ فَسَادِهِ وَبَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ وَفِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَيُؤْمَرُ بِرَدِّ نِصْفِ مَا قَبَضَ عَلَى شَرِيكِهِ وَفِيمَا إذَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ؛ فَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَخَذَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى خَصْمِهِ حَقٌّ فَعَلَى الْمُدَّعِي رَدُّ عَيْنِ مَا قَبَضَ مَا دَامَ قَائِمًا، وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمَهْرِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُوْلِ فَتُرَدُّ مِثْلُ نِصْفِهِ، وَلِذَا لَزِمَهَا زَكَاتُهُ لَوْ نِصَابًا حَوْلِيًّا عِنْدَهُمَا وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي النَّذْرِ وَالْوَكَالَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالْعَامَّةُ كَذَلِكَ. وَيَتَعَيَّنُ فِي الْأَمَانَاتِ. وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْغَصْبِ، وَتَمَامُهُ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ. وَكَتَبْنَا فِي بُيُوعِ الشَّرْحِ جَرَيَانَ الدَّرَاهِمِ مَجْرَى الدَّنَانِيرِ فِي ثَمَانِيَةٍ. وَفِي وَكَالَةِ النِّهَايَةِ: اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ تَعَيُّنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ لَا غَيْرُ فَإِنَّهُمَا يَتَعَيَّنَانِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَوَصْفًا بِالْإِنْفَاقِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
لَوْ قَالَ الْوَارِثُ: تَرَكْتُ حَقِّي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ؛ إذْ الْمِلْكُ لَا يَبْطُلُ بِالتَّرْكِ، وَالْحَقُّ يَبْطُلُ بِهِ حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْغَانِمِينَ قَالَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ: تَرَكْت حَقِّي بَطَلَ حَقُّهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: تَرَكْت حَقِّي فِي حَبْسِ الرَّهْنِ بَطَلَ، كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِلْعِمَادِيِّ، وَفُصُولِ الْعِمَادِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ حَقٍّ يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ، وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الشُّرْبِ وَلَفْظُهَا: رَجُلٌ لَهُ مَسِيلٌ مَاءٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَبَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ مَعَ الْمَسِيلِ وَرَضِيَ بِهِ صَاحِبُ الْمَسِيلِ، كَانَ لِصَاحِبِ الْمَسِيلِ أَنْ يَضْرِبَ بِذَلِكَ فِي الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمَسِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ، كَرَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ فَمَاتَ الْمُوصِي وَبَاعَ الْوَارِثُ الدَّارَ، وَرَضِيَ بِهِ الْمُوصَى لَهُ جَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ سُكْنَاهُ، وَلَوْ لَمْ يَبِعْ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ، وَلَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْمَسِيلِ: أَبْطَلْتُ حَقِّي فِي الْمَسِيلِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ بَطَلَ حَقُّهُ قِيَاسًا عَلَى حَقِّ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَ لَهُ رَقَبَةُ الْمَسِيلِ. لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِالْإِبْطَالِ وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ: إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَمَاتَ الْمُوصِي فَصَالَحَ الْوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى السُّدُسِ جَازَ الصُّلْحُ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ وَحَقَّ الْوَارِثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ غَيْرُ مُتَأَكِّدٍ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِالْإِسْقَاطِ. (انْتَهَى). فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ حَقَّ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَحَقَّ حَبْسِ الرَّهْنِ وَحَقَّ الْمَسِيلِ الْمُجَرَّدِ وَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى وَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَحَقَّ الْوَارِثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، عَلَى قَوْلِ خُوَاهَرْ زَادَهْ: يُسْقِطُ الْإِسْقَاطَ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ، وَقَالُوا: حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَا يَسْقُطُ، كَمَا فِي هِبَةِ الْبَزَّازِيَّةِ وَأَمَّا الْحَقُّ فِي الْوَقْفِ؛ فَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الشَّهَادَاتِ فِي الشَّهَادَةِ بِوَقْفِ الْمَدْرَسَةِ: إنَّ مَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ أَصْحَابِ الْمَدْرَسَةِ يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِلْوَقْفِ اسْتِحْقَاقًا لَا يَبْطُلُ بِالْإِبْطَالِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: أَبْطَلْت حَقِّي كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ وَيَأْخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ. (انْتَهَى). وَقَدْ كَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الشَّهَادَاتِ مَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ مِنْ عِبَارَةِ قَاضِي خَانْ وَمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ ابْنُ وَهْبَانَ وَمَا حَرَّرْنَاهُ فِيهَا. وَقَدْ بَقِيَ حُقُوقٌ: مِنْهَا خِيَارُ الشَّرْطِ؛ قَالُوا يَسْقُطُ بِهِ، وَمِنْهَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، قَالُوا لَوْ أَبْطَلَهُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ بِالْقَوْلِ لَمْ يَبْطُلْ وَبِالْفِعْلِ يَبْطُلُ وَبَعْدَهَا يَبْطُلُ بِهِمَا، وَمِنْهَا خِيَارُ الْعَيْبِ يَبْطُلُ بِهِ، وَمِنْهَا الدَّيْنُ يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ، وَمِنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ وَمِنْهَا حَقُّ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَةِ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْعَبْدِ. قَالُوا لَوْ عَفَا الْمَقْذُوفُ ثُمَّ عَادَ وَطَلَب حُدَّ، لَكِنْ لَا يُقَامُ بَعْدَ عَفْوِهِ لِفَقْدِ الطَّلَبِ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَتَّصِفُ بِالْإِسْقَاطِ كَالْوَكَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَقَبُولِ الْوَدِيعَةِ وَأَمَّا حَقُّ الْإِجَارَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ إلَّا بِالْإِضَافَةِ. وَقَدْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي مَسَائِلَ وَكَثُرَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَلَمْ أَرَ فِيهَا صَرِيحًا بَعْدَ التَّفْتِيشِ؛ مِنْهَا أَنَّ بَعْضَ الذُّرِّيَّةِ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ الرِّيعُ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَيْرِهِ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ وَمِنْهَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ إذَا أَسْقَطَ لِغَيْرِهِ بِأَنْ فَرَغَ لَهُ عَنْهُ، إلَّا أَنَّ فِي الْيَتِيمَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّظَرُ إذَا فَوَّضَهُ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ التَّفْوِيضُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ صَحَّ تَفْوِيضُهُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ مَوْتِهِ جَازَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ. (انْتَهَى). وَفِي الْقُنْيَةِ: إذَا عُزِلَ النَّاظِرُ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ الْوَاقِفُ أَوْ الْقَاضِي. (انْتَهَى). وَمِنْهَا أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ كَشَرْطِ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَالِاسْتِبْدَالِ فَأَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالسُّقُوطِ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ شَيْءٍ كَمَا عُلِمَ سَابِقًا مِنْ كَلَامِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. إلَّا إذَا أَسْقَطَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ حَقَّهُ لَا لِأَحَدٍ فَلَا يَسْقُطُ كَمَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَيْرِهِ وَفِيمَا إذَا أَسْقَطَ الْوَاقِفُ حَقَّهُ مِمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ. فَإِنْ قُلْت إذَا أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ أَوْ بَعْضُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ فَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ؟ قُلْت نَعَمْ وَلَوْ كَانَ مَكْتُوبُ الْوَقْفِ بِخِلَافِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابٍ مُسْتَقِلٍّ. وَأَمَّا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِرَفْعِ جُذُوعِ الْغَيْرِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى حَائِطِهِ تَعَدِّيًا. فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ وَلَا بِالصُّلْحِ وَلَا بِالْعَفْوِ وَلَا بِالْبَيْعِ وَلَا بِالْإِجَارَةِ. كَمَا ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ. فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ هَذَا التَّأْلِيفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيّ الْعَظِيمِ. وَفِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ السَّلَمِ: لَوْ قَالَ رَبُّ الْمُسَلَّمِ أَسْقَطْتُ حَقِّي فِي التَّسْلِيمِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ الْبَلَدِ لَمْ يَسْقُطْ. (انْتَهَى). وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ سُئِلْتُ عَنْهَا: شَرَطَ الْوَاقِفُ لَهُ شُرُوطًا مِنْ إدْخَالٍ وَإِخْرَاجٍ وَغَيْرِهِمَا وَحَكَمَ بِالْوَقْفِ مُتَضَمِّنًا لِلشُّرُوطِ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ ثُمَّ رَجَعَ الْوَاقِفُ عَمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الشُّرُوطِ. فَأَجَبْتُ بِعَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِهِ لِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَازِمٌ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، بِسَبَبِ الْحُكْمِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلشُّرُوطِ فَلَزِمَتْ كَلُزُومِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الطَّرَسُوسِيُّ فِيمَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيمَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الرِّيعِ لَا لِأَحَدٍ، فَإِنَّهُ قَالَ بِعَدَمِ السُّقُوطِ. وَعِلَّتُهُ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ لَهُ صَارَ لَازِمًا كَلُزُومِ الْوَقْفِ كَمَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ مَا شَرَطَهُ لَهُ فَكَذَا الشَّارِطُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ إسْقَاطِ رَبِّ السَّلَمِ حَقَّهُ مِمَّا شَرَطَ لَهُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ فِي ضِمْنٍ لَازِمٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ وَلَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ.
فَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ بَعْدَ سُقُوطِهِ بِقِلَّةِ الْفَوَائِتِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَ بِالنِّسْيَانِ فَإِنَّهُ يَعُودُ بِالتَّذَكُّرِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ كَانَ مَانِعًا لَا مُسْقِطًا فَهُوَ مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ. وَلَا تَعُودُ النَّجَاسَةُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِزَوَالِهَا؛ فَلَوْ دُبِغَ الْجِلْدُ بِالتَّشْمِيسِ وَنَحْوِهِ، وَفُرِكَ الثَّوْبُ مِنْ الْمَنِيِّ وَجَفَّتْ الْأَرْضُ بِالشَّمْسِ ثُمَّ أَصَابَهَا مَاءٌ لَا تَعُودُ النَّجَاسَةُ فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا الْبِئْرُ إذَا غَارَ مَاؤُهَا ثُمَّ عَادَ، وَمِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ لِلْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ سَقَطَ فَلَا يَعُودُ، وَأَمَّا عَوْدُ النَّفَقَةِ بَعْدَ سُقُوطِهَا بِالنُّشُوزِ بِالرُّجُوعِ فَهُوَ مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ لَا مِنْ بَابِ عَوْدِ السَّاقِطِ. وَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي بَعْضِ مَسَائِلَ فِي الْخِيَارَاتِ مِنْ الْبُيُوعِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَعُودُ الْخِيَارُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَانِعٌ زَالَ فَعَمَلَ الْمُقْتَضِي، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَعُودُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ سَاقِطٌ لَا يَعُودُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْحُكْمِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَالْحُكْمُ مَعْدُومٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ، وَإِنْ عُدِمَ الْمُقْتَضِي فَهُوَ مِنْ بَابِ السَّاقِطِ وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى: أَبْرَأَهُ عَامًا ثُمَّ أَقَرَّهُ بَعْدَهُ بِالْمَالِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ عَامًا فَهَلْ يَعُودُ بَعْدَ سُقُوطِهِ كُلِّهِ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ لَا يَعُودُ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَرْهَنَ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى الْمُدَّعِي ثَانِيًا أَنَّهُ أَقَرَّ لِي بِالْمَالِ بَعْدَ إبْرَائِي؛ فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَبْرَأَنِي وَقَبِلْت الْإِبْرَاءَ أَوْ قَالَ صَدَقْت لَا يَصِحُّ هَذَا الدَّفْعُ، يَعْنِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ. وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ يَصِحُّ الدَّفْعُ لِاحْتِمَالِ الرَّدِّ وَالْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَبَقِيَ الْمَالُ عَلَيْهِ. (انْتَهَى). وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ: لَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي عَلَيْك فَاشْهَدْ لِي عَلَيْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ نَعَمْ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ ثُمَّ أَشْهَدَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالشُّهُودُ يَسْمَعُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ. فَهَذَا بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَسَعُ الشُّهُودَ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ. (انْتَهَى). وَفَرَّعْتُ عَلَى قَوْلِهِمْ: السَّاقِطُ لَا يَعُودُ، قَوْلَهُمْ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ لِفِسْقٍ أَوْ لِتُهْمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ.
فِي مَسَائِلَ ذَكَرَتْهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الْبُيُوعِ.
قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي آخِرِ فَتَاوَاهُ: النَّائِمُ كَالْمُسْتَيْقِظِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً: الْأُولَى: إذَا نَامَ الصَّائِمُ عَلَى قَفَاهُ وَفُوهُ مَفْتُوحٌ فَقَطَرَ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ فِي فِيهِ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَكَذَا لَوْ قَطَرَ أَحَدٌ قَطْرَةً مِنْ الْمَاءِ فِي فِيهِ وَبَلَغَ جَوْفَهُ. الثَّانِيَةُ: إذَا جَامَعَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ يَفْسُدُ صَوْمُهَا. الثَّالِثَةُ: لَوْ كَانَتْ مُحْرِمَةً فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ. الرَّابِعَةُ: الْمُحْرِمُ إذَا نَامَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَجَبَ الْجَزَاءُ عَلَيْهِ. الْخَامِسَةُ: الْمُحْرِمُ إذَا نَامَ فَانْقَلَبَ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ. السَّادِسَةُ: إذَا نَامَ الْمُحْرِمُ عَلَى بَعِيرٍ وَدَخَلَ فِي عَرَفَاتٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ. السَّابِعَةُ: الصَّيْدُ الْمُرْمَى إلَيْهِ بِالسَّهْمِ إذَا وَقَعَ عِنْدَ نَائِمٍ فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الرَّمْيَةِ يَكُونُ حَرَامًا كَمَا إذَا دُفِعَ عِنْدَ يَقْظَانَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَكَاتِهِ. الثَّامِنَةُ: إذَا انْقَلَبَ النَّائِمُ عَلَى مَتَاعٍ وَكَسَرَهُ وَجَبَ الضَّمَانُ. التَّاسِعَةُ: الْأَبُ إذَا نَامَ تَحْتَ جِدَارٍ فَوَقَعَ الِابْنُ عَلَيْهِ مِنْ سَطْحٍ وَهُوَ نَائِمٌ فَمَاتَ الِابْنُ يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. الْعَاشِرَةُ: مَنْ رَفَعَ النَّائِمَ وَوَضَعَهُ تَحْتَ جِدَارٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ وَمَاتَ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: رَجُلٌ خَلَا بِامْرَأَتِهِ وَثَمَّةَ أَجْنَبِيٌّ نَائِمٍ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: رَجُلٌ نَامَ فِي بَيْتٍ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً صَحَّتْ الْخَلْوَةُ. الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ نَائِمَةً فِي بَيْتٍ وَدَخَلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَمَكَثَ عِنْدَهَا سَاعَةً صَحَّتْ الْخَلْوَةُ. الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: امْرَأَةٌ نَامَتْ فَجَاءَ رَضِيعٌ فَارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ. الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: الْمُتَيَمِّمُ إذَا مَرَّتْ دَابَّتُهُ عَلَى مَاءٍ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ وَهُوَ عَلَيْهَا نَائِمٌ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ. السَّادِسَةَ عَشَرَةَ: الْمُصَلِّي إذَا نَامَ وَتَكَلَّمَ فِي حَالَةِ النَّوْمِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: الْمُصَلِّي إذَا نَامَ وَقَرَأَ فِي حَالَةِ قِيَامِهِ تُعْتَبَرُ تِلْكَ الْقِرَاءَةُ فِي رِوَايَةٍ. الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: إذَا تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي نَوْمِهِ فَسَمِعَهَا رَجُلٌ تَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ، كَمَا لَوْ سَمِعَ مِنْ الْيَقْظَانِ. التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: إذَا اسْتَيْقَظَ هَذَا النَّائِمُ فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ بِذَلِكَ، كَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ يُفْتِي بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، وَتَجِبُ فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ نَائِمٍ فَانْتَبَهَ فَأُخْبِرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا. الْعِشْرُونَ: رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا فَجَاءَ الْحَالِفُ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ وَقَالَ لَهُ قُمْ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ النَّائِمُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحْنَثُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ. الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَجَاءَ الرَّجُلُ وَمَسَّهَا بِشَهْوَةٍ وَهِيَ نَائِمَةٌ، صَارَ مُرَاجِعًا. الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: لَوْ كَانَ الزَّوْجُ نَائِمًا فَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ وَقَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ يَصِيرُ مُرَاجِعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: الرَّجُلُ إذَا نَامَ وَجَاءَتْ امْرَأَةٌ وَأَدْخَلَتْ فَرْجَهَا فِي فَرْجِهِ وَعَلِمَ الرَّجُلُ بِفِعْلِهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ. الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى نَائِمٍ وَقَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِشَهْوَةٍ تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ. الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: الْمُصَلِّي إذَا نَامَ فِي صَلَاتِهِ وَاحْتَلَمَ يَجِبُ الْغُسْلُ. وَلَا يُمْكِنُهُ الْبِنَاءُ. وَكَذَلِكَ إذَا بَقِيَ نَائِمًا يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ صَارَتْ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ. (انْتَهَى).
أَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فَتَصِحُّ الْعِبَادَاتُ مِنْهُ وَلَا تَجِبُ. وَقِيلَ هُوَكَالْمَجْنُونِ وَقِيلَ هُوَ كَالْبَالِغِ الْعَاقِلِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي النَّوَاقِضِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ.
ذَكَرَهَا الْأُصُولِيُّونَ فِي بَحْثِ الْعَوَارِضِ فَلْيَنْظُرْهَا مَنْ رَامَهَا.
ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي.
ذَكَرَ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ حَقِيقَتَهُ، وَذَكَرَ مِنْ أَحْكَامِهِ وُقُوفَهُ فِي الصَّفِّ وَحُكْمَ مِيرَاثِهِ. وَيُكَفَّنُ كَفَنَ الْمَرْأَةِ وَلَا يَلْبَسُ حَرِيرًا وَلَا حُلِيًّا فِي حَيَاتِهِ، وَإِذَا قَبَّلَهُ رَجُلٌ بِشَهْوَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ فَإِنْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ رَجُلًا فَوَصَلَ إلَيْهِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ، أَوْ امْرَأَةً فَبَلَغَ فَوَصَلَ إلَيْهَا جَازَ وَإِلَّا أُجِّلَ كَالْعِنِّينِ وَيَلْبَسُ لِبَاسَ الْمَرْأَةِ فِي الْإِحْرَامِ وَلَا يُصَلِّي إلَّا بِقِنَاعٍ وَيَقُومُ أَمَامَ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ. وَإِنْ وَقَفَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ أَعَادَهَا وَإِنْ وَقَفَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ لَا يُعِيدُهَا وَيُعِيدُهَا مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَخَلْفِهِ مُحَاذِيًا لَهُ وَيُوضَعُ فِي الْجِنَازَةِ خَلْفَ الرِّجَالِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ، وَيُجْعَلُ خَلْفَ الرَّجُلِ فِي الْقَبْرِ لَوْ دُفِنَا لِضَرُورَةٍ مَعَ حَاجِزٍ بَيْنَهُمَا مِنْ الصَّعِيدِ، وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَا عَلَيْهِ بِقَذْفِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْبُوبِ؛ وَتُقْطَعُ يَدُهُ لِلسَّرِقَةِ وَيُقْطَعُ سَارِقُ مَالِهِ وَيَقْعُدُ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاطِعِ يَدِهِ وَلَوْ عَمْدًا وَلَوْ كَانَ الْقَاطِعُ امْرَأَةً، وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ إذَا قَطَعَ يَدَ غَيْرِهِ عَمْدًا، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُهَا، وَلَا يَخْلُو بِهِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ وَلَا يَخْلُو بِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا يُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا بِمَحْرَمٍ. وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِمَا فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ بِأَلْفٍ إنْ كَانَ غُلَامًا وَبِخَمْسِ مِائَةٍ إنْ كَانَ أُنْثَى، فَوَلَدَتْ خُنْثَى مُشْكِلًا فَالْوَصِيَّةُ مَوْقُوفَةٌ فِي الْخَمْسِ مِائَةِ الزَّائِدَةِ إلَى أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ كَذَلِكَ لِأَمَتِهِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ، فَوَلَدَتْ خُنْثَى مُشْكِلًا لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تُعْتَقْ. وَلَا سَهْمَ لَهُ مَعَ الْمُقَاتَلَةِ وَإِنَّمَا يُرْضَخُ لَهُ وَلَا يُقْتَلُ لَوْ أَسِيرًا أَوْ مُرْتَدًّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَلَا خَرَاجَ عَلَى رَأْسِهِ لَوْ كَانَ ذِمِّيًّا وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ الْمَوْلَى: كُلُّ عَبْدٍ لِي حُرٌّ أَوْ كُلُّ أَمَةٍ لِي حُرَّةٌ، إلَّا إذَا قَالَهُمَا فَيُعْتَقُ. وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَاشْتَرَى خُنْثَى لَمْ تُطْلَقْ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت أَمَةً، وَلَوْ قَالَهُمَا مَعًا طَلُقَتْ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْكِلُ: أَنَا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَإِذَا قُتِلَ خَطَأً وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى التَّبْيِينِ، وَكَذَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ مُشْكِلٌ مِثْلَهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ فَلَا يَتَوَارَثَانِ بِالْمَوْتِ، وَلَوْ شَهِدَ شُهُودٌ أَنَّهُ ذَكَرٌ وَشُهُودٌ أَنَّهُ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ يَطْلُبُ مِيرَاثًا قَضَيْتُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ أَنَّهُ غُلَامٌ وَأَبْطَلْتُ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهُ امْرَأَتُهُ قَضَيْتُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أُنْثَى وَأَبْطَلْتُ الْأُخْرَى؛ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً تَدَّعِي أَنَّهُ زَوْجُهَا أَوْقَفْتُ الْأَمْرَ إلَى أَنْ يَسْتَبِينَ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخُنْثَى شَيْئًا وَلَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ شَيْءٌ لَا تُقْبَلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَسْتَبِينَ. وَأَمَّا مِيرَاثُهُ وَالْمِيرَاثُ مِنْهُ؛ فَقَالَ: فَإِنْ مَاتَ أَبُوهُ فَلَهُ مِيرَاثُ أُنْثَى مِنْهُ، وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَالْأُنْثَى فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي مَسَائِلَ؛ لَا يَلْبَسُ حَرِيرًا وَلَا ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، وَلَا يَتَزَوَّجُ مِنْ رَجُلٍ، وَلَا يَقِفُ فِي صَفِّ النِّسَاءِوَلَا حَدَّ بِقَذْفِهِ، وَلَا يَخْلُو بِامْرَأَةٍ وَلَا يَقَعُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ عَلِّقَا عَلَى وِلَادَتِهَا أُنْثَى بِهِ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ: كُلُّ أَمَةٍ.
تُخَالِفُ الرَّجُلَ فِي أَنَّ السُّنَّةَ فِي عَانَتِهَا النَّتْفُ وَلَا يُسَنُّ خِتَانُهَا وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُمَةٌ، وَيُسَنُّ حَلْقُ لِحْيَتِهَا لَوْ نَبَتَتْ وَتُمْنَعُ عَنْ حَلْقِ رَأْسِهَا، وَمَنِيُّهَا لَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ عَلَى قَوْلٍ، وَتَزِيدُ فِي أَسْبَابِ الْبُلُوغِ بِالْحَيْضِ وَالْحَمْلِ، وَيُكْرَهُ أَذَانُهَا وَإِقَامَتُهَا، وَبَدَنُهَا كُلُّهُ عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَاوَكَفَّيْهَاوَقَدَمَيْهَاعَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَذِرَاعَيْهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ، وَصَوْتُهَا عَوْرَةٌ فِي قَوْلٍ، وَيُكْرَهُ لَهَا دُخُولُ الْحَمَّامِ فِي قَوْلٍ، وَقِيلَ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ، وَ الْمُعْتَمَدُ لَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا، وَلَا تَرْفَعُ يَدَيْهَا حِذَاءَ أُذُنَيْهَا وَلَا تَجْهَرْ بِقِرَاءَتِهَا. وَتَضُمُّ فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَلَا تُفَرِّجُ أَصَابِعَهَا فِي الرُّكُوعِ، وَاذَا نَابَهَا شَيْءٌ فِي صَلَاتِهَا صَفَّقَتْ وَلَا تُسَبِّحُ، وَتُكْرَهُ جَمَاعَتُهُنَّ، وَيَقِفُ الْإِمَامُ وَسَطَهُنَّ، وَلَا تَصْلُحُ إمَامًا لِلرِّجَالِوَيُكْرَهُ حُضُورُهَا الْجَمَاعَةَ، وَصَلَاتُهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ، وَتَضَعُ يَمِينَهَا عَلَى شِمَالِهَا تَحْتَ ثَدْيِهَا، وَتَضَعُ يَدَيْهَا فِي التَّشَهُّدِ عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَتَتَوَرَّكُ. وَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهَا وَلَكِنْ تَنْعَقِدُ بِهَا، وَلَا عِيدٌ وَلَا تَكْبِيرُ تَشْرِيقٍ، وَلَا تُسَافِرُ إلَّا بِزَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ، وَلَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَيْهَا إلَّا بِأَحَدِهِمَا، وَلَا تُلَبِّي جَهْرًا وَلَا تَنْزِعُ الْمَخِيطَ وَلَا تَكْشِفُ رَأْسَهَا وَلَا تَسْعَى بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ، وَلَا تَحْلِقُ وَإِنَّمَا تُقَصِّرُ وَلَا تُرْمِلُ، وَالتَّبَاعُدُ فِي طَوَافِهَا عَنْ الْبَيْتِ أَفْضَلُ، وَلَا تَخْطُبُ مُطْلَقًا، وَتَقِفُ فِي حَاشِيَةِ الْمَوْقِفِ لَا عِنْدَ الصَّخَرَاتِ، وَتَكُونُ قَاعِدَةً وَهُوَ رَاكِبٌ، وَتَلْبَسُ فِي إحْرَامِهَا الْخُفَّيْنِ، وَتَتْرُكُ طَوَافَ الصَّدْرِ لِعُذْرِ الْحَيْضِ، وَتُؤَخِّرُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ لِعُذْرِ الْحَيْضِ وَتُكَفَّنُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ، وَلَا تَؤُمُّ فِي الْجِنَازَةِ. وَلَوْ فَعَلَتْ سَقَطَ الْفَرْضُ بِصَلَاتِهَا، وَلَا تَحْمِلُ الْجِنَازَةَ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى، وَيُنْدَبُ لَهَا نَحْوُ الْقُبَّةِ فِي التَّابُوتِ، وَلَا سَهْمَ لَهَا وَإِنَّمَا يُرْضَخُ لَهَا إنْ قَاتَلَتْوَلَا تُقْتَلْ الْمُرْتَدَّةُ وَالْمُشْرِكَةُ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَتَعْتَكِفُ فِي بَيْتِهَا، وَيُبَاحُ لَهَا خَضْبُ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ إلَّا لِضَرُورَةٍ. وَالتَّضْحِيَةُ بِالذَّكَرِ أَفْضَلُ مِنْهَا. وَهِيَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ: فِي الْإِرْثِ وَالشَّهَادَةِ وَالدِّيَةِ نَفْسًا أَوْ بَعْضًا، وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُوَلَّى الْقَضَاءَ، وَإِنْ صَحَّ مِنْهَا فِي غَيْرِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِوَبُضْعُهَا مُقَابَلٌ بِالْمَهْرِ دُونَ الرَّجُلِ، وَتُجْبَرُ الْأَمَةُ عَلَى النِّكَاحِ دُونَ الْعَبْدِ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْجَبْرِ، وَتُخَيَّرُ الْأَمَةُ إذَا أُعْتِقَتْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، وَلَبَنُهَا مُحَرَّمٌ فِي الرَّضَاعِ دُونَهُ. وَتُقَدَّمُ عَلَى الرِّجَالِ فِي الْحَضَانَةِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَفِي النَّفْرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى وَفِي الِانْصِرَافِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَتُؤَخَّرُ: فِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ وَالْمَوْقِفِ وَفِي اجْتِمَاعِ الْجِنَازَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ فَتُجْعَلُ عِنْدَ الْقِبْلَةِ، وَالرَّجُلُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَكَذَا فِي اللَّحْدِوَتَجِبُ الدِّيَةُ بِقَطْعِ ثَدْيِهَا أَوْ حَلَمَتِهِ بِخِلَافِهِ مِنْ الرَّجُلِ فَإِنَّ فِيهِ الْحُكُومَةَ، وَلَا قِصَاصَ بِقَطْعِ طَرَفِهَا بِخِلَافِهِ وَلَا مُسَاوَمَةَ عَلَيْهَا، وَلَا تَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْ الدِّيَةِ لَوْ قَتَلَتْ خَطَأً بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّ الْقَاتِلَ كَأَحَدِهِمْ. وَيُحْفَرُ لَهَا فِي الرَّجْمِ. إنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ وَتُجْلَدُ جَالِسَةً وَالرَّجُلُ قَائِمًا، وَلَا تُنْفَى سِيَاسَةً، وَيُنْفَى هُوَ عَامًا بَعْدَ الْجِلْدِ سِيَاسَةً لَا حَدًّا، وَلَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ لِلدَّعْوَى إذَا كَانَتْ مُخَدَّرَةً وَلَا لِلْيَمِينِ بَلْ يَحْضُرُ إلَيْهَا الْقَاضِي أَوْ يَبْعَثُ إلَيْهَا نَائِبَهُ يُحَلِّفُهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ، وَيُقْبَلُ تَوْكِيلُهَا بِلَا رِضَاءِ الْخَصْمِ إذَا كَانَتْ مُخَدَّرَةً اتِّفَاقًا، وَلَا تُبْتَدَأُ الشَّابَّةُ بِسَلَامٍ وَتَعْزِيَةٍوَلَا تُجَابُ، وَلَا تُشَمَّتُ وَتَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ مَعَهَا. وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ كَوْنِهَا نَبِيَّةً، وَاخْتَارَ فِي الْمُسَايَرَةِ جَوَازَ كَوْنِهَا نَبِيَّةً لَا رَسُولَةً، لِأَنَّ الرِّسَالَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاشْتِهَارِ، وَمَبْنَى حَالِهِنَّ عَلَى السِّتْرِ بِخِلَافِ النُّبُوَّةِ وَالتَّمَامِ فِيهَا، وَلَا تَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْقِسْمَةِ.
|